[frame="5 10"]
بسم الله الرحمن الرحيم
*خطبة أبو السرايا أسد بني شيبان.
*مقدمة مختصرة:
كم كان إعجابي يزداد و أنا أتصفح واحد من أعظم الكتب التاريخية الإسلامية التي قرأنها في حياتي و لاسيما أن الكتاب خاص و حصرا على "آل البيت عليهم السلام" إنه كتاب " مقاتل الطالبيين" لأب فرج الإصبهاني، الذي رغم أنه أموي المنبت إ لا أنه وفق إلى حد كبير في استطلاع الرأي الإسلامي و العالمي لما جرى لأل البيت من محن و مصائب و تشريد تنجلي لها القلوب و الأبصار و تقشعر لها الجلود و الأبدان و خاصة في حقبتي الأمويين و العباسيين.
و مما رأينه مناسبا و مختارا لمنبرنا هذا الموقر ، ارتأينا أن نقدم خطبة كم هي "صالحة المفعول" في وقتنا هذا إذ تعبر عن نفس الخذلان و اللامبالاة التي كانت سائدة أيام سادتنا و موالينا "عترة المصطفى عليه وآله أفضل الصلاة و التسليم" و هذه الخطبة من فيه أحد أصدق و أعز الأصحاب لآل البيت عليهم السلام إنه الرجل الشهم أبو السرايا الشيباني أسد بني شيبان الذي كان اليد اليمنى لسيدنا و مولانا: محمد بن إبراهيم بن إسماعيل ، ابن طباطبا ، بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام و هذا الفحل الشاب ثار على حكم طغاة العباسيين و خاصة إبان حكم المنصور بن المهدي.
فلما كان يوم الجمعة خطب أبو السرايا أهل الكوفة فحمد الله واثنى عليه ثم قال :
" يا أهل الكوفة ، ياقتلة علي ، وياخذلة الحسين ، إن المعتز بكم لمغرور ، وإن المعتمد على نصركم لمخذول ، وإن الذليل لمن اعززتموه ، والله ما حمد علي أمركم فنحمده ، ولا رضي مذهبكم فنرضى به ، ولقد حكمكم فحكمتم عليه وائتمنكم فخنتم أمانته ووثق بكم فحلتم عن ثقته ، ثم لم تنفكوا عليه مختلفين ، ولطاعته ناكثين ، إن قام قعدتم ، وإن قعد قمتم ، وإن تقدم تأخرتم ، وإن تأخر تقدمتم ، خلافا عليه وعصيانا لأمره ، حتى سبقت فيكم دعوته ، وخذلكم الله بخذلانكم إياه ، أي عذر لكم في الهرب عن عدوكم ، والنكول عمن لقيتم وقد عبروا خندقكم ؟ وعلوا قبائلكم بنتهبون أموالكم ويستحيون حريمكم ، هيهات لا عذر لكم إلا العجز والمهانة ، والرضا بالصغار والذلة ، إنما أنتم كفئ الظل تهزمكم الطبول بأصواتها ، ويملا قلوبكم الحرق بسوادها ، أما والله لاستبدلن بكم قوما يعرفون الله حق معرفته ، ويحفظون محمدا في عترته"
ثم قال : وما رست أقطار البلاد فلم أجد * لكم شبها فيما وطئت من الأرض خلافا وجهلا وانتشار عزيمة * ووهنا وعجزا في الشدائد والخفض لقد سبقت فيكم إلى الحشر دعوة * فلا عنكم راض ولا فيكم مرضى سأبعد داري من قلي عن دياركم * فذوقوا إذا وليت عاقبة البغض.
* مقاتل الطالبيين- أبو الفرج الأصفهاني ص 363.
[/frame]