
30-10-2012, 02:18 PM
|
 |
نجيب الشرفاء القنادسة المشييشين العلميين
|
|
|
|
رد: قصيدة رائعة للعارف النبهاني تكشف القناع عن جماعة " الاصلاح الديني "
ثم يحث الشيخ النبهاني الأمة على عدم الاغترار بأمثال هؤلاء , فيقول :
فَيا أمّةَ الهادي لَقد طالَ صَبركم = عَلى فاجر بالدينِ والمُصطفى أزرى
وَيا أهلَ مصرٍ كيف صارَ عدوّهُ = يُكذّبهُ ما بينَ أظهركم جهرا
وَعَهدي بكُم لِلدين أُسداً فما الّذي = لَكُم قَد جَرى حتّى تهيّبتمُ الهرّا
أَلا غَيرةٌ كالشامِ أَشكرُكم بها = فَلَستُ أؤدّي ما حييتُ لَها شُكرا
أَتاها وقَد عمّ الورى نارُ فتنةٍ = عَلى ملّةِ الإسلامِ قَد زَفَرت زَفرا
وَأعظِم بِها ناراً بِها قَد تقطّعت = سَلاسِلهُ مِن بعدِ تَقييدهِ دَهرا
طَرابلُسٌ مِن غَيظها بسَمت له = كَما أظهرَ الضِرغامُ من غيظهِ البشرا
وَقَد بَرقت كالسيفِ أرجاؤُها له = فَجاءتهُ بعدَ البرقِ صاعقةٌ كُبرى
وَساقَ لهُ الفاروقُ مِن نسلِ بنتهِ = مُقدّمَ قَومٍ كادَ يُسكنهُ القَبرا
عَلى رأسهِ اِنصبّت عَصاهُ كأنّها = قَناةٌ لهُ شقَّت وأَجرت بهِ نَهرا
عَليهِ سَطا كالليثِ شتّت جمعهُ = ففرّوا جَميعاً عنهُ إِذ سَمِعوا الزَأرا
وَأدماهُ منهُ فتكةٌ عُمريّةٌ = أَراد بِها ذاكَ الهزبرُ لهُ زَجرا
أَرادَ بِها إرغامهُ لا حمامهُ = كَما أرغمَ الليثُ الغضنفرُ سِنّورا
أَرادَ بها إيقاظهُ من سباتهِ = وَكانَ بِخمرِ العُجبِ مُمتلكاً سكرا
أَرادَ بِها تَحذيرهُ من ضلالهِ = فَكانَت لهُ مِن عُظمِ شِقوتهِ إِغرا
ويصور الشيخ ذهاب رشيد رضا إلى الشام , ليبث فيها سمومه وخدائعه , وينشر حيله ومكائده , وكيف كان استقبالهم إياه , وكيف تصدى له الشيخ عبد القادر الخطيب والإمام الخضر حسين , فأظهرا سجفه وسخفه , وأبانا جهله وخرقه , فولى مدبراً كأنه ريح صيف وطارق طيف :
وَجاءَ دمشقَ الشام مِن بعدُ يَبتغي = دِراسة شَوكٍ قد توهّمه بُرّا
أَتى المسجِدَ المَعمورَ ينشرُ فرثهُ = وَقَد طبّقَ الأرجاءَ مِن أرضِهِ جَأرا
فَلمّا عَلا في السامِعينَ جؤارهُ = وَشاهدَ أُسدَ الدين هاجَت بهِ فرّا
وَكانَ بِها مِن تونس الغربِ صالحٌ = شَريفٌ فلمّا فاهَ أَلقمهُ فِهرا
مَحا ظلماتِ الغيِّ نور بيانهِ = وَأَخمدَ مِن نيرانِ إِلحادهِ الجمرا
رَماهُ بِسهمٍ من كنانة علمهِ = فَخارَ وَمِن أَعلى منصّته خرّا
وَأولاهُ مِن آل الخطيبِ خطيبهم = فَتى العلمِ عبدُ القادر الصدمةَ الأخرى
لَهُ سلّ مِن أفكارهِ خير صارمٍ = وَقبلَ ظُهورِ الفتكِ ولّى له الظهرا
كَذا فلتَكُن ساداتُنا آل هاشمٍ = كَذا فَلتَكُن أبناءُ فاطمةَ الزهرا
أُولئكَ أَبناءُ النبيّ وإنّهم = لَأولى الوَرى أن ينصروا دينه نصرا
بِهم قَد تَذكّرنا عليّاً وحمزةً = بِغزوةِ بدرٍ لا عَدِمنا بهم بدرا
وَلَم يحتجِ الشيخانِ في الدرس ناصراً = عَلى كثرةِ الأنصارِ للسنّةِ الغرّا
وَمِن بعدِها كَم شهبِ حقٍّ تساقطت = عَلى ذلكَ الشيطانِ أَلقَت بهِ البَحرا
جَزى اللَّهُ أهلَ الشامِ خير جزائهِ = وَتابَ على مَن تابعوا ذلكَ العيرا
وَجاءَ إِلى حمصٍ فخابَ وأرسلت = إِليه حماةٌ إِن أتى أرضَها النذرا
فَعادَ إِلى مثواهُ في قلمونهِ = وَمِن خوفهِ كالضبِّ قَد لزمَ الجُحرا
فَكانَت له في عمرهِ شرّ رحلةٍ = بِها بينَ تجّارِ الهُدى ربحَ الخُسرا
وَعادَ إِلى مصرٍ من الشامِ هارِباً = يُنفِّضُ عن أعطافهِ الموت والذعرا
وَلَو كانَ ذا عقلٍ لكانَ عقاله = وَلا سيّما مِن بعد أَن شاهد العقرا
وَلكنّهُ لا يَستحي من ضلالةٍ = وَمَهما تكُن عاراً يراها له فخرا
وَينشرُها بينَ الوَرى مُتبجّحاً = كَما شمّ من أَرجاسهِ الجعلُ العِطرا
ويذكر الشيخ النبهاني نقاشه لرضا ونصحه إياه , إلا أنه أصر على اتباع أحاديث النفوس الكواذب، ووساوس الآمال الخوائب , فكان متشبثاً بالماسونية كشيخيه :
وَقَد كانَ في شيخيهِ أعظمُ زاجرٍ = لَدى الموتِ لو شاءَ الإلهُ له زجرا
وَمِن نحوِ عامٍ جاءَني فنصحتهُ = كَما تنصحُ الثعبانَ أو تنصحُ الفأرا
وَذاكرتهُ في شيخهِ وهو عبدهُ = تملّكهُ الشيطانُ عن قومهِ قسرا
فَقلتُ له لو كاِبن سينا زَعمتمُ = وَعالم فارابٍ وأرفعهم قدرا
لَقُلنا لكم حقّاً وإن كان باطلاً = وَلَم نرَ مِن هذا على ديننا ضرّا
وَلكنّكم مع تركهِ الحجّ مرّةً = وَحجّ لِباريزٍ ولندرةٍ عشرا
وَمَع تركهِ فرضَ الصلاةِ ولم يكن = يسرُّ بِذا بَل كانَ يَترُكها جهرا
وَمع كونهِ شيخَ المسون مجاهراً = بِذلك لا يُخفي أخوّتهم سرّا
وَمع غيرِ هذا من ضلالاتهِ الّتي = بِها سارَ مثلَ السهمِ للجهةِ الأخرى
تَقولونَ أُستاذٌ إمامٌ لديننا = فَما أكذبَ الدعوى وما أقبحَ الأمرا
وَنحنُ نراهُ عِندَنا شرّ فاسقٍ = فَيقتلُ فِسقاً بالشريعةِ أو كفرا
رَضينا بحُكم اللَّه فينا وفيكم = وَحكمِ رسولِ اللَّه والشرعةِ الغرّا
تَعالوا نُباهلكم فنلعن مَن غدا = بِنا وبكُم أولى بلعنتهِ أحرى
فَيا ربّنا اِلعن شرّنا وأضرّنا = بِتحكيمهِ في الدينِ مع جهلهِ الفكرا
وَخُصَّ رَشيداً ذا المنار وشيخهُ = وَشيخَهما إن شئتَ بالحصصِ الكبرى
ثَلاث أثافٍ تحتَها نار فتنةٍ = وَمِن فوقها الإلحادُ صارَ لها قدرا
وَقَد دَخلوا حزبَ المسونِ بهمّةٍ = بِها حلّ كلٌّ من محافلهِ الصدرا
وَمَذهبُهم حكمُ الدياناتِ واحدٌ = تَساوى بهِ الإسلامُ والمللُ الأخرى
فَلو ثمَّ دينٌ لَم يجوّز دخولهم = وَلكنّه مِن قبلِ ذلك قد فرّا
مَضى اِثنان للأُخرى بأسوأِ عبرةٍ = وَمُقلة إبليسٍ لموتِهما عَبرى
وَثالثهم ما زالَ مع شرِّ عصبةٍ = على ملّةِ الإسلامِ آفاتُهم تَترى
فَمَن ماتَ منهم ماتَ أقبحَ ميتةٍ = فَلا رحمَ الرحمنُ سحنتهُ الغبرا
وَمَن عاشَ مِنهم عاش نحو جهنّمٍ = يحثُّ على آثارِ أشياخهِ السَيرا
فَيا ربِّ أَصلِحهم وإن لم ترد لهم = صَلاحاً فلا تنجِح إِلهي لهم أَمرا
ثم يتوجه الشيخ إلى الكلام عن الوهابية , وقد نعي الشيطان في آذانهم فاستجابوا لدعائه وأسرعوا إلى ندائه , فشربوا كأس الجهالة ، واستقروا مركب الضلالة , فأصبح الحرم منتهكم، والرعية محتنكهم , والأستار مهتوكة , والدماء مسفوكة، والأموال مجتاحة، والديار مستباحة , وأصبح الأئمة عندهم فاسقين , والمنزهة مارقين , وإذا رأيت بلادهم وجدت معالم الحق فيها درست ، وألسنة العدل بينها خرست :
وَأعجبُ شيءٍ مُسلمٌ في حسابهِ = غَدا قلبهُ مِن حبِّ خيرِ الوَرى صفرا
أُولئكَ وهّابيّةٌ ضلّ سَعيهم = فَظنّوا الرَدى خيراً وظنّوا الهدى شرّا
ضِعافُ النُهى أعرابُ نجدٍ جدودهم = وَقَد أَورَثوهم عنهمُ الزورَ والوِزرا
مُسيلمةُ الجدُّ الكبير وعرسهُ = سَجاحٌ لكلٍّ منهمُ الجدّةُ الكبرى
إِلى اللَّه بِالمُختارِ لَم يتوسّلوا = لأنّ لكُلٍّ عندَ خالقهِ قَدرا
فَقَد وَرِثوا الكذّابَ إِذ كان يدّعي = بأنَّ لهُ شَطراً وللمُصطفى شطرا
أَشار رسولُ اللَّه للشرقِ ذمّهُ = وَهُم أهلهُ لا غروَ أَن أطلعَ الشرّا
بهِ يطلعُ الشيطانُ ينطح قرنهُ = رُؤوسَ الهُدى واللَّهُ يَكسرهُ كسرا
فَكَم طَعَنوا بالأشعريِّ إِمامنا = وَبالمُاتُريدي الحبر أكرِم بهِ حبرا
بِتحقيرِ أحبابِ الإله تقرّبوا = إِليهِ فَنالوا البُعدَ إذ رَبِحوا الخُسرا
وَيَعتقدونَ الأنبياءَ كَغيرِهم = سَواءً عقيبَ الموتِ لا خيرَ لا شرّا
وَقَد عَذروا مَن يَستغيثُ بكافرٍ = وَما وَجَدوا لِلمُستغيثِ بهم عذرا
وَكَم رَحلوا لِلشركِ في دار رجسهِ = وَجابوا إلى أَوطانهِ البرَّ وَالبَحرا
وَما جوّزوا لِلمُسلمين رَحيلهم = لِزورةِ خير الخلقِ في طيبة الغرّا
رَمَوا بضلالِ الشركِ كلّ موحّدٍ = إِذا لَم يكُن مِنهم عقيدتهُ بَترا
وَهُم باِعتقادِ الشركِ أَولى لقَصرهم = على جِهةٍ للعلوِ خالِقنا قصرا
هو اللَّه ربُّ الكلّ جلّ جلالهُ = فَما جِهةٌ باللَّه مِن جهةٍ أحرى
تأمّل تَجد هَذي العوالم كلّها = بِنسبةِ وسع اللَّه كالذرّة الصغرى
فَحينئذٍ أينَ الجهات الّتي بها = عَلى اللَّه مِن حُمقٍ بِهم حكَّموا الفِكرا
وإنّ اِختلافاً للجهاتِ محقّقٌ = فَكَم ذا منَ الأقطار قطرٌ علا قطرا
وَكلُّ علوٍّ فهو سفلٌ وعكسهُ = وَقُل نحوَ هَذا في اليمين وفي اليسرى
فَمَن قالَ عُلوٌ كلّها فهوَ صادقٌ = وَذلكَ قَد يَقضي بِآلهةٍ أخرى
وَمَن قالَ سفلٌ كلُّها فهوَ صادقٌ = فَليسَ لهُم رَبٌّ على هذه يُدرى
فَمَن يا تُرى بالشركِ أَولى اِعتقادُهم = أُولئكَ أَو أصحابُ سنّتنا الغرّا
حَنابلةٌ لكنّ مَذهبَ أحمدٍ = إمامَ الهُدى من كلِّ ما أحدَثوا يبرا
وَقد عمَّ في هذا الزمانِ فَسادُهم = فَما تَركوا شاماً وما ترَكوا مصرا
ثم يبين الشيخ أن الشذوذ عن مذاهب الأئمة ليس مقتصراً على الحنابلة , بل قد شاركهم فيه أقوام من المذاب الأخرى , فها هم آل الألوسي قد وجد الشيطان بينهم منزعاً ، وهذا شكري الألوسي قد راغ عن المذهب القويم، وزاغ عن الصراط المستقيم , حيث كتب كتاباً أبتر الجوارح، مضطرب الجوانح , يزعم فيه أن الشيخ النبهاني قد عبد الرسول .
ثم ينتقل الشيخ ليصف كتابه المسمى بشواهد الحق في الاستغاثة بخير الخلق , ولله دره ما أحلى شعره، وأنقى دره، وأصفى قطره، وأعجب أمره .
وكذلك يبين الشيخ فساد زمانه الذي هاج فيه الرعاع، وتحزب الأشياع ، وتآمر الأذناب والأتباع .
ثم يبتهل إلى الله -عز وجل- متوسلاً بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في تفريج كربة الأمة وإظهار الحق وإبطال الباطل :
وَلَم ينفرِد شذّاذُ مذهبِ أحمدٍ = فَقَد ضَلّ قَومٌ من مذاهِبنا الأخرى
كَشُكري الألوسي تابعاً إثر جدّهِ = وَأَعمامهِ لكنّهم آثَروا السترا
إِلى أَن رَمى مجنونُهم برجيعهِ = عَلى الناسِ في تأليفهِ ذلكَ السِفرا
وَما وَصلَت أرجاسهُ غير قومهِ = بهِ وَبِهم أَرجاسهُ حُصِرت حَصرا
وَمَهما أَبانوا عذرَهُم بجنونهِ = نُصدّقُهم فيهِ ولا نقبلُ العُذرا
فَكانَ علَيهم قيدهُ بسلاسلٍ = وَأَن يحجروهُ عَن فظائعهِ حجرا
فَمَن أطلقَ الكلبَ العقورَ فإنّه = هو المُخطِئ الجاني الّذي فعَلَ العَقرا
أَتى بكتابِ الشتمِ لا العلم داعياً = إِلى لعنهِ بينَ الوَرى كلَّ مَن يَقرا
عدوُّ رَسولِ اللَّه أرضى عُداتَهُ = وَمنّي ومِن أحبابهِ أوغرَ الصدرا
وَمِن حمقهِ أَو كفرِه قال إنّه = إِلهي وقَد أكثرتُ في مدحهِ الشعرا
وَلَو حلَّ مَدحي للنبيّ بسفرهِ = لَلوّثهُ تبّاً لهُ وله سِفرا
وَمَع شحنِه مِن نظمِ كلّ مجازفٍ = بِشِعرٍ إِذا حقّقته تلقهُ بَعرا
فَمِن مدحِ خيرِ الخلق ما راح مُنشئاً = وَلا منشداً بيتاً ولا منشداً شطرا
بإِقرارهِ كم صغتُ فيه قصيدةً = وَنوّعتُ في أمداحه النظم والنثرا
وَألّفتُ في فضلِ اِستغاثتنا به = أجلَّ كتابٍ لم يَدع للسوى عُذرا
شَواهدُ حقٍّ أطلعت في سطورها = بدورَ عُلومٍ كلُّ سَطرٍ حَوى بدرا
فَكانَت لأرواحِ المُحبّينَ جنّةً = وَكانَت عَلى أعداءِ خيرِ الورى جمرا
وَلامَت لمنعِ الإِستغاثة جدّهُ = وَمِن عمّه نعمان أنكرت النكرا
فَلو خصّني بالشتمِ مع عظم جرمهِ = لَما لمتهُ لكنّهُ عمّم الشرّا
فَذَمّ هداةَ الدين مِن كلّ مذهبٍ = وَأَعطى لكلٍّ مِن سَفاهتهِ قدرا
غَدا لِفَتى تيميّةٍ أيّ ناصرٍ = فَهلّا اِستحقّ المُصطفى عندهُ النصرا
وَهلّا عَفا عنّا لِذنبٍ بزعمهِ = لِخدمتنا روح الوجودِ أبا الزهرا
فَلَو كانَ مِن نسلِ المجوس عذرتهُ = وَقلتُ اِمرؤٌ يبغي لأجدادهِ ثأرا
وَلكن نراهُ يدّعي خيرَ نِسبةٍ = وَأمُّ الفَتى منهُ بِنسبتهِ أدرى
فَمَن ذا رأى في الناسِ شَخصاً موالياً = لِقومٍ يرَونَ الحبَّ في جدّهِ كُفرا
وَمَن ذا رأى في الناسِ شَخصاً مُعادياً = فَتىً بمعالي جدّهِ أنفقَ العمرا
إِذن نحنُ في شكٍّ منَ النسَبِ الّذي = يقولُ وفيه الشكُّ نَحصرهُ حصرا
وَبعدُ فذيّاكَ الكتابُ يدلّنا = عَلى جهلهِ طَوراً على غيّه طورا
كتابٌ عليهِ اللّعنُ مِن كلِّ سامعٍ = وَصاحبهِ أَيضاً غَدا ماطِراً مطرا
وَكثّرَ فيهِ النقلَ من دون حاجةٍ = لِيثبتَ في دعواهُ بالكبرِ الكبرا
وَبالحرفِ وَالقرطاسِ عظّم حجمهُ = لِيحملَ لَعناتٍ أتَت فوقه تترى
وَكلُّ جَوابٍ فيه غير مطابقٍ = لِمعني كَلامي عندَ مَن يفهمُ الأمرا
وَلكنّهُ عشواءُ تخبطُ خبطها = بِليلٍ منَ الأهواء قد فقدَ البدرا
وَأَعقلُ منه الكلبُ يسترُ رجسهُ = وَهذا رَأى في نشرِ أَرجاسهِ فخرا
كِتابي لخيرِ الخلقِ قد جاء ناصراً = وَهذا لأعداءِ النبيِّ أَتى نصرا
فَذلكَ مِن أَعلى وأَعلى مناقبي = وَهذا لهُ أَقوى مثالبهِ الكُبرى
وَذلكَ فَخري في الحياةِ وبَعدها = وَهذا لهُ خِزيٌ بدنياهُ والأخرى
وَقرّظ قَولي عنَدما تمّ طبعهُ = مَشايخُ إِسلام الشريعةِ في مصرا
وَقرّظَ سفرَ السوءِ بالزورِ أهلهُ = وَمَن كانَ عَن سبلِ الشريعةِ مزورّا
يَذُمُّ خيارَ المُسلمينَ وَيَنتقي = لأشرارِهم أمثاله الحمدَ والشكرا
فَمثلُ الرِفاعي القطب يختار ذمّهُ = وَشيخُ منارِ السوء يمنحهُ شُكرا
خبائثُ أَرواحٍ تحنُّ لِبعضها = فَسُحقاً لهُم سُحقاً وخسراً لهم خسرا
همُ الكلُّ أعداءُ النبيِّ فَبعضهم = عداوتهُ كُبرى وبعضهمُ صغرى
وَخصّوا مُحبّيه بنسبةِ حبّهم = فَأَعطوا لكلٍّ مِن عَداوتهم قدرا
وَقَد جَعلوا لي حصّةً من كبارها = لما عَلِموا مِن حبّه حصّتي كبرى
فَيا ربِّ زِدني فيهِ حبّاً وزده بي = وفي طيبةَ اِختِم لي عَلى دينهِ العُمرا
خَليليَّ لا واللَّه ما أنا واجدٌ = لمَن خذلَ الإسلامَ مِن أهلهِ عُذرا
وَكيفَ وهُم في كلِّ أرضٍ فخارُها = وَأفضلُ أَهليها وأشرفُهم نَجرا
وَأَبطالُهم لو حارَبوا أسدَ السَما = لفرّ وَخلّاها ومِن برجهِ خَرّا
فَفي كلِّ قُطرٍ كلُّ أروعَ وارث = لآباءِ صِدقٍ قبلهُ فَتحوا القطرا
وَقَد ملكَت خيرَ البلادِ جدودُهم = وَما رَهبوا قتلاً وما رَهبوا أسرا
كَما اِستَلموها سلّموها لِوُلدِهم = وَما سلّموا منهُم لأعدائهِم شبرا
وَما زالتِ الأعداءُ في كلِّ فرصةٍ = تُحارِبُهم والشركُ يَنظرُهم شَزرا
وَكم دولٍ يوماً عليهم تضافرت = فَخابت وما نالَت من الظفَرِ الظفرا
وَكَم جاهَدوا في البحرِ والبرِّ أُمّةً = وَمِن لَحمها قد أشبعوا الحوتَ والنسرا
وَكم عالمٍ منهُم بدَت شمسُ علمهِ = وَآخرَ في أفقِ الوغا طالع بدرا
وَأَنوارُهم في كلّ شرقٍ ومغربٍ = على كلِّ خلقِ اللَّه قد سفَرت سفرا
فَقَد مَلكوا الدُنيا وَكانوا جَمالَها = كَما مَلَكوا الأُخرى وكانوا لَها فَخرا
فَطائفةٌ بالسيفِ تَحمي ذِمارها = وَبالعلمِ وَالأقلامِ طائفةٌ أخرى
وَكِلتاهُما فازَت بفضلِ جِهادها = وَليسَت بهِ مِن هذهِ هذهِ أحرى
وَنحنُ بَنوهم كيفَ كنّا فما لنا = نَحيدُ وَلا نَقفوا لآبائِنا إثرا
وَما الفرقُ إلّا الدين قد كان عندَهم = قَويّاً فنالوا منه من قوّةٍ شطرا
فلمّا بَدا من بعدهم ضعفُ دينِنا = ضَعُفنا فلَم يشدُد بِنا دينُنا أزرا
فَيا عينيَ اِنهلّي ويا قلبيَ اِتّقد = وَيا نَفَسي اِزفُر مِن سعيرِ الحشا زفرا
فَقَد أصبحَ الإسلامُ ما بين أهلهِ = غَريباً وَفي أوطانهِ لم يجِد نصرا
وَصالَ عليهِ الشركُ صَولةَ كاسرٍ = إِذا هيَ لم تقتُل فَقد أوجَبت كسرا
إِلى اللَّه كَم أُمسي وأُصبحُ داعياً = فَآونةً نَظماً وآونةً نثرا
أُنادي بِأعلى الصوتِ في الناس صارخاً = لِشدّةِ وجدٍ أجّجت في الحَشا الجَمرا
أُحذّرُ قَومي مِن عُداةٍ تألّبوا = عَلينا وَساموا دينَنا الخسفَ والخُسرا
لَقَد علِموا الإسلامَ حِصناً مُشيّدا = وَأنّهم لا يظفَرون بهِ قَهرا
فَساقوا عليهِ مِن مدارسِ غيّهم = جُيوشاً بلا حربٍ بِها أحرَزوا النصرا
مَدارس في حكمِ الكنائسِ أحكمت = أبالِسُهم فيها الدسائسَ وَالمَكرا
مَوائدُ علمٍ تحتوي كلَّ مشتهىً = بِها وَضعوا سمّاً بها نفثوا سحرا
بِها اِنقَلَبت أولادُنا من عُداتِنا = وَخيّلتِ البلوى لنا نِعمةً كبرى
وَها قَد جنَوا بينَ الأنامِ جناتها = لملّتِهم مِن رَوضها الحنظلَ المرّا
إِلهي تَداعى الناسُ من كلّ أمّةٍ = عَلينا وصِرنا كالغثاء علا النهرا
نَعَم نحنُ أَذنَبنا فأدّبتَنا بِهم = وَكانَ لنا دورٌ فملّكتهم دَورا
عُتاةٌ على الإِسلام صالوا فَردّهم = بِذرّةِ قَهرٍ منكَ تُهلكهم طرّا
فَكم قَهروا قوماً وكادَت نفوسهم = تُشاركَ ربَّ العرشِ في بطشهِ كِبرا
فَيا ربّنا اِخذل كلّ من رام ديننا = وَدولَتنا بالسوءِ واِمنح لَنا النصرا
فَفي كل وقتٍ نحنُ في حاجةٍ بنا = لِفَضلك إِن أهملتَنا لم نجد خيرا
مَضى عَصرُنا شرُّ العصورِ وإنّه = بِنسبةِ هَذا العصرِ أكرِم به عصرا
أَرى ذمّهُ فَرضاً إذا ما ذكرتهُ = فَإن قستهُ بِاليومِ أَوليتهُ شُكرا
تَبدّلتِ الأحوالُ مِن كلِّ وجهةٍ = وَأصبحَ عرفُ الدينِ بينَ الورى نُكرا
وَصارَ تقيُّ القومِ أحقر قومهِ = وَصارَ شقيُّ القومِ أَرفعهُم قَدرا
وَكانَ الرِيا في أن يُرى العبدُ صالحاً = فَصار الرِيا في أن يُرى فاسقاً جهرا
فَكَم مِن تَقيٍّ صارَ يظهر نفسهُ = شَقيّاً لكيما يتّقي بالشقا الشرّا
وَكَم مِن شقيٍّ حينَ يوصَفُ بالتُقي = تَبرّأ حتّى لا يُهانَ ولا يُزرى
وَكَم كانَ قبلَ اليومِ فينا منافقٌ = على غيِّهِ مِن خوفهِ أسبلَ السترا
فَلمّا غَدا في سِربه اليومَ آمناً = بِكشفِ مَخازيهِ غَدا يُظهرُ الفَخرا
وَكلٌّ غَدا في الناسِ حرّاً بزعمهِ = وَهل تركَ القهّارُ مِن خلقهِ حُرّا
مَتى كان حرّاً وهو مقهورُ قادرٍ = عَلى رغمهِ يُجري مقاديرهُ قَهرا
مَتى العبدُ واِبن العبدِ والعبدُ جدّهُ = عُبوديّة لا تقبلُ العتقَ والإبرا
وَما سيّدٌ حقّاً سوى اللَّه إنّه = لهُ الحكمُ في الدُنيا لهُ الحكم في الأخرى
فَيا ربِّ وفّقنا بجاهِ مُحمّدٍ = حَبيبك للأولى منَ الخيرِ والأحرى
وَأيّد بهِ الإسلامَ واِلطف بأهلهِ = وَمِن بعدِ هذا العسرِ يسّر لهم يسرا
هوَ الشافعُ المقبولُ أفضلُ مرسلٍ = لَديكَ فجُد واِمنح لأمّتهِ النصرا
فَواللَّه لو خيّرتُ في خير جنّةٍ = عَلى أَن أُرى من غير أمّتهِ الغرّا
لَما اِخترتُ إلّا نِسبتي لمحمّدٍ = وَإِن كنتُ في الجنّات أدنى الورى قدرا
كَما أنّني لو نلتُ خدمة نعلهِ = وَعندَ جميعِ الرُسلِ سلطنةً كبرى
لَما اِخترتُ إلّا خدمتي لنعالهِ = وَذلكَ فخرٌ لا أرى مثله فخرا
رَضيتُ به كلّ الرِضا لست أبتغي = بَديلاً به في هذه الدارِ والأُخرى
وَسيلتُنا العُظمى إلى اللَّه وحدهُ = أجلُّ الورى عَنهم غنىً وله فقرا
أَحبُّ جميعِ العالمين لربّهِ = وَأَعظمُهم خَوفاً له وله شكرا
وَما لجميعِ الخلقِ عنه كربّهِ = غِنىً فلَقَد ولّاه خالقهُ الأمرا
حَباهُ العَطا والمنعَ في كلّ كائنٍ = وَمِن غيرِ تَشبيهٍ حجابتهُ الكبرى
فَليسَ لكلِّ الخلقِ في كلِّ حاجةٍ = إِلى اللَّه في الدارين واسطةٌ أخرى
وَمَهما يكُن للشافعينَ شفاعةٌ = فَشافعُ كلِّ الشافِعين أبو الزهرا
وَأعظمُ كلِّ المُؤمنين هدايةً = أَشدّهمُ حبّاً له وبهِ بِرّا
وَأَعظمُ كلّ الكافرين ضلالةً = أَشدّهمُ بُغضاً له وبهِ كُفرا
وَأُقسمُ لو كلُّ الخليقةِ قارَفت = عَداوتهُ لَم تلقَ مِن ربّها خيرا
فَأصلِح ليَ اللّهمّ دُنياي واِحبُني = بحسنِ خِتامٍ منك يصلح لي الأخرى
وَإنّي وَإن كانت ذُنوبي كثيرةً = وَلا وَزرٌ مِن تَوبتي يدفعُ الوِزرا
فَعفوُكَ إكسيرٌ إذا ذُرّ ذرّة = عَليها اِستحالت نارُها جنّةً خضرا
وَقَد تمّ لي إِحدى وستّونَ حجّةً = بِفضلكَ إِسلامي بِها لم يُشَب كفرا
وَإِن فاتَني ما حازهُ كلُّ صالِحٍ = بِكنزٍ منَ الأعمالِ قد ذَخر الأجرا
فَتوحيدكَ اللهمّ خيرُ ذَخائري = وَحَسبي بِجاهِ المُصطفى بعدهُ ذُخرا
عَليهِ صَلاةٌ منكَ مسكُ خِتامها = يُضمّخُ كلّ المُؤمنين بهِ عِطرا
تمت بحمد الله تعالى
|