قال ابن منظور صاحب لسان العرب: أهل البيت سكانه، وأهل الرجل أخص الناس به، وأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه وبناته وصهره، أعني علياً عليه السلام وقيل: نساء النبي والرجال الذين هم آله.
وقال الراغب الأصفهاني: أهل الرجل من يجمعه وإياهم نسب أو دين أو ما يجري مجراهما من صناعة وبيت وولد. وقيل: إن أصل كلمة (آل): أهل، ثم قُلبت الهاء إلى همزة فصارت أأل، ثم خففت بعد ذلك إلى آل. فآل وأهل واحد، وآل الرجل هم أزواجه وذريته وأقرباؤه كما ذكر أهل اللغة. قال تبارك وتعالى عن امرأة العزيز أنها قالت لزوجها: (( مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا ))[يوسف:25]، تريد نفسها وقال الله تبارك وتعالى عن موسى: (( إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ ))[النمل:7]. وأهله زوجته التي كانت معه. وقال عن إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه وزوجته: (( رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ))[هود:73].
معنى الآل في الشرع:
أما الأهل والآل في الشرع فعلى أربعة أقوال مشهورة:
القول الأول: أن الآل هم الأزواج والذرية:
واستدلوا على ذلك بآية التطهير التي ذكرت نساء النبي صلى الله عليه وسلم، كما في قول الله تبارك وتعالى: (( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ))[الأحزاب:32-34].
فالآيات في أولها تتكلم عن نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك في آخرها عن نساء النبي صلى الله عليه وسلم وقال لهن في وسط هذه الآية: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ))، وهنا لا مدخل ولا كلام لمن قال بأن الآل هنا أو الأهل هنا هم غير نساء النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا يخالف سياق الآية كما ترون، فالآية ابتدأت بالنساء، وختمت بالكلام عن النساء.
وأما قول من يقول: فلمَ أعرض عن نون النسوة وجاء بدلها بميم الجمع؟
فقال في بداية الآيات: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ) ، ثم قال: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)، ثم قال: (وَاذْكُرْنَ)، ثم قال: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ)، ولم يقل عنكن، والجواب هو: أن الأوامر في البداية هي للنساء خاصة، ثم جاء بميم الجمع لدخول رجل مع النساء وهو النبي صلى الله عليه وسلم، فهو سيد البيت صلوات الله وسلامه عليه، فإذا دخل الرجل مع مجموع النساء انقلبت نون النسوة إلى ميم الجمع، وهذا معلوم ظاهر في اللغة، ولذلك قال بعدها مباشرة: (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ).
الدليل الثاني: التشهد، وذلك أننا نقول في تشهدنا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. وجاء في بعض صيغ التشهد عند البخاري تفسير الآل في قوله: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته. فهذه الصيغة هي تفسير لقوله: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد فحذف الآل، وجاء بدلها بالأزواج والذرية.
وكذلك جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما شبع آل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز بُرٍّ. أخرجه الإمامان البخاري ومسلم. وقول عائشة: ما شبع آل رسول الله. تريد نفسها وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما تريد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي هن تبع له شرعاً.
القول الثاني: هم من حرمت عليهم الزكاة:
وفيمن حرمت عليهم الزكاة قولان:
أن الذين حرمت عليهم الزكاة: بنو هاشم وبنو المطلب، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم يرجع نسبه إلى هاشم. فهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم. والمطلب أخو هاشم وهو عم عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم.
بل إن عبد المطلب نسبوه إلى عمه، وذلك أن اسمه شيبة الحمد، ولكنه تربى عند أخواله من بني النجار من أهل المدينة، ولذلك ليقال لهم أخوال النبي صلى الله عليه وسلم، وتوفي هاشم وولده شيبة عند أخواله، فذهب عمه المطلب فأخذه إلى مكة، فظن الناس أن شيبة الحمد عبدٌ للمطلب، فقالوا: هذا عبد المطلب، فقال لهم المطلب: لا، هذا شيبة ابن أخي هاشم، ولكن غلب عليه اللقب حتى ما صار يعرف في مكة إلا بعبد المطلب. الشاهد: أن الذين حرمت عليهم الزكاة على القول الأول بنو هاشم وبنو المطلب.
أن الذين حرمت عليهم الزكاة بنو هاشم فقط:
وأما الدليل على أن هؤلاء هم أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أذكركم الله أهل بيتي، أذكركم الله أهل بيتي، أذكركم الله أهل بيتي)، فقيل لزيد: من أهل بيته؟ قال: أهل بيته من حرم الصدقة. وهم آل علي وآل عقيل وآل العباس وآل جعفر، فعد هؤلاء الأربعة -أي: أقارب النبي صلى الله عليه وسلم- أخرجه مسلم.
وكذلك استدلوا بحديث الحسن بن علي رضي الله عنه أنه أخذ تمرة من الصدقة. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (إنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد). متفق عليه.
واستدلوا بحديث عبد المطلب أو المطلب بن ربيعة -على اختلاف في اسمه– والفضل بن العباس أنهما ذهبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسألاه أن يستعملهما على الصدقة حتى ينالا الأجر –يعني: الأجر المادي- لأنه من الأصناف الذين يستحقون الزكاة. (( وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ))[التوبة:60]، فأراد الفضل بن العباس، وعبد المطلب بن ربيعة أن يكونا من العاملين عليها. فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: (إنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد)، ومنعهمامن ذلك. أخرجه مسلم.
فدل هذا على أن الفضل بن العباس بن عبد المطلب وعبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب لا تحل لهما الزكاة؛ لأنهما من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
القول الثالث: أن آل النبي صلى الله عليه وسلم جميع أمة الاستجابة:
يعني: كل مسلم يعتبر من آل النبي صلى الله عليه وسلم أي: من أتباعه. فآل الرجل أتباعه، فكل من تبع رجلاً صار من آله. كما قال الله تبارك وتعالى: (( أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ))[غافر:46].
أي: فرعون ومن تبعه على دينه وكفره والعياذ بالله، ولذلك لما جاء أبرهة الحبشي ليهدم الكعبة قال عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم أبياتاً من الشعر منها:
اللهُمَّ إن العبد يمنع رَحْـ لَـهُ فامنـع رِحـالـك
لا يَغْلِبَنَّ صليبُهـم ومِحا لُهـم غـدواً مِحـالـك
وانصر علـى آل الصَّليـ بِ وعابديـه اليوم آلك
القول الرابع: علي وفاطمة والحسن والحسين وذريتهما دون غيرهما:
واستدلوا بحديث الكساء وهو (أن النبي صلى الله عليه وسلم - كما روت عائشة رضي الله عنها- دخل عليه علي بن أبي طالب، فأدخله تحت كسائه –عباءته- ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء الحسن فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله، ثم جَلَّلَهم – أي: غطاهم- ثم قرأ: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ))[الأحزاب:33]) أخرجه مسلم.
فدل على أن هؤلاء أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
واستدلوا كذلك بآية المباهلة وهي قوله تبارك وتعالى: (( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ))[آل عمران:61]، فقالوا: دعا النبي صلى الله عليه وسلم أقرب الناس إليه وهم آله، فكانوا علياً وفاطمة والحسن والحسين. أخرجه البخاري ومسلم.
والصحيح من هذه الأقوال: أن آل النبي صلى الله عليه وسلم هم من حرموا الصدقة. والصحيح أن الذين تحرم عليهم هم بنو هاشم فقط، أما بنو المطلب فالصحيح أنه لا تحرم عليهم الزكاة. والله أعلم
وأما نساء النبي فهن من آل البيت بالتبعية لا بالأصالة، وذلك أنهن قبل اقترانهن بالنبي لم يكنَّ من آل البيت.
من أشهر الأقوال في ذكر آل البيت :
اختلف العلماء في المراد بآل النبي صلى الله عليه وسلم, على مذاهب، نذكر أشهرها: المذهب الأول: أنهم بنو هاشم فقط, وهو ما ذهب إليه أبو حنيفة ومالك , ويعللون ذلك بأن آله صلى الله عليه وسلم هم من اجتمع معه عليه الصلاة والسلام في هاشم, قالوا: والمطلب لم يجتمع معه عليه السلام في هاشم, لأن المطلب أخو هاشم، وكما أن عبد شمس ونوفلا أخوان لهاشم وهما ليسا من آل البيت، فكذلك المطلب .
ويبين العيني المراد ببني هاشم فيقول: وبنو هاشم هم آل علي وآل عباس وآل جعفر وآل عقيل وآل الحارث بن عبد المطلب .
المذهب الثاني: أن آل البيت هم بنو هاشم وبنو المطلب فقط وهو المذهب عند الشافعية, والحنابلة . ويؤيد هذا ما رواه جبير بن مطعم رضي الله عنه، أنه قال: مشيت أنا و عثمان بن عفان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلنا: أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن بمنزلة واحدة منك، فقال: ( إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد ) قال جبير : "ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمس وبني نوفل شيئا". وفي هذا يقول الشيخ الشنقيطي في الأضواء : " ولما ناصر بنو المطلب بن عبد مناف بني هاشم، ولم يناصرهم بنو عبد شمس بن عبد مناف وبنو نوفل بن عبد مناف، عرف النبي صلى الله عليه وسلم لبني المطلب تلك المناصرة التي هي عصبية نسبية لا صلة لها بالدين، فأعطاهم من خمس الغنيمة مع بني هاشم، وقال:" إنا وبني المطلب لم نفترق في جاهلية ولا إسلام "، ومنع بني عبد شمس وبني نوفل من خمس الغنيمة، مع أن الجميع أولاد عبد مناف بن قصي".
آل البيــت :
قال ابن منظور صاحب لسان العرب: أهل البيت سكانه، وأهل الرجل أخص الناس به، وأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه وبناته وصهره، أعني علياً عليه السلام وقيل: نساء النبي والرجال الذين هم آله.
وقال الراغب الأصفهاني: أهل الرجل من يجمعه وإياهم نسب أو دين أو ما يجري مجراهما من صناعة وبيت وولد. وقيل: إن أصل كلمة (آل): أهل، ثم قُلبت الهاء إلى همزة فصارت أأل، ثم خففت بعد ذلك إلى آل. فآل وأهل واحد، وآل الرجل هم أزواجه وذريته وأقرباؤه كما ذكر أهل اللغة. قال تبارك وتعالى عن امرأة العزيز أنها قالت لزوجها: (( مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا ))[يوسف:25]، تريد نفسها وقال الله تبارك وتعالى عن موسى: (( إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ ))[النمل:7]. وأهله زوجته التي كانت معه. وقال عن إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه وزوجته: (( رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ))[هود:73].
معنى الآل في الشرع:
أما الأهل والآل في الشرع فعلى أربعة أقوال مشهورة:
القول الأول: أن الآل هم الأزواج والذرية:
واستدلوا على ذلك بآية التطهير التي ذكرت نساء النبي صلى الله عليه وسلم، كما في قول الله تبارك وتعالى: (( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ))[الأحزاب:32-34].
فالآيات في أولها تتكلم عن نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك في آخرها عن نساء النبي صلى الله عليه وسلم وقال لهن في وسط هذه الآية: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ))، وهنا لا مدخل ولا كلام لمن قال بأن الآل هنا أو الأهل هنا هم غير نساء النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا يخالف سياق الآية كما ترون، فالآية ابتدأت بالنساء، وختمت بالكلام عن النساء.
وأما قول من يقول: فلمَ أعرض عن نون النسوة وجاء بدلها بميم الجمع؟
فقال في بداية الآيات: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ) ، ثم قال: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)، ثم قال: (وَاذْكُرْنَ)، ثم قال: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ)، ولم يقل عنكن، والجواب هو: أن الأوامر في البداية هي للنساء خاصة، ثم جاء بميم الجمع لدخول رجل مع النساء وهو النبي صلى الله عليه وسلم، فهو سيد البيت صلوات الله وسلامه عليه، فإذا دخل الرجل مع مجموع النساء انقلبت نون النسوة إلى ميم الجمع، وهذا معلوم ظاهر في اللغة، ولذلك قال بعدها مباشرة: (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ).
الدليل الثاني: التشهد، وذلك أننا نقول في تشهدنا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. وجاء في بعض صيغ التشهد عند البخاري تفسير الآل في قوله: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته. فهذه الصيغة هي تفسير لقوله: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد فحذف الآل، وجاء بدلها بالأزواج والذرية.
وكذلك جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما شبع آل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز بُرٍّ. أخرجه الإمامان البخاري ومسلم. وقول عائشة: ما شبع آل رسول الله. تريد نفسها وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما تريد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي هن تبع له شرعاً.
القول الثاني: هم من حرمت عليهم الزكاة:
وفيمن حرمت عليهم الزكاة قولان:
أن الذين حرمت عليهم الزكاة: بنو هاشم وبنو المطلب، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم يرجع نسبه إلى هاشم. فهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم. والمطلب أخو هاشم وهو عم عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم.
بل إن عبد المطلب نسبوه إلى عمه، وذلك أن اسمه شيبة الحمد، ولكنه تربى عند أخواله من بني النجار من أهل المدينة، ولذلك ليقال لهم أخوال النبي صلى الله عليه وسلم، وتوفي هاشم وولده شيبة عند أخواله، فذهب عمه المطلب فأخذه إلى مكة، فظن الناس أن شيبة الحمد عبدٌ للمطلب، فقالوا: هذا عبد المطلب، فقال لهم المطلب: لا، هذا شيبة ابن أخي هاشم، ولكن غلب عليه اللقب حتى ما صار يعرف في مكة إلا بعبد المطلب. الشاهد: أن الذين حرمت عليهم الزكاة على القول الأول بنو هاشم وبنو المطلب.
أن الذين حرمت عليهم الزكاة بنو هاشم فقط:
وأما الدليل على أن هؤلاء هم أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أذكركم الله أهل بيتي، أذكركم الله أهل بيتي، أذكركم الله أهل بيتي)، فقيل لزيد: من أهل بيته؟ قال: أهل بيته من حرم الصدقة. وهم آل علي وآل عقيل وآل العباس وآل جعفر، فعد هؤلاء الأربعة -أي: أقارب النبي صلى الله عليه وسلم- أخرجه مسلم.
وكذلك استدلوا بحديث الحسن بن علي رضي الله عنه أنه أخذ تمرة من الصدقة. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (إنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد). متفق عليه.
واستدلوا بحديث عبد المطلب أو المطلب بن ربيعة -على اختلاف في اسمه– والفضل بن العباس أنهما ذهبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسألاه أن يستعملهما على الصدقة حتى ينالا الأجر –يعني: الأجر المادي- لأنه من الأصناف الذين يستحقون الزكاة. (( وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ))[التوبة:60]، فأراد الفضل بن العباس، وعبد المطلب بن ربيعة أن يكونا من العاملين عليها. فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: (إنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد)، ومنعهمامن ذلك. أخرجه مسلم.
فدل هذا على أن الفضل بن العباس بن عبد المطلب وعبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب لا تحل لهما الزكاة؛ لأنهما من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
القول الثالث: أن آل النبي صلى الله عليه وسلم جميع أمة الاستجابة:
يعني: كل مسلم يعتبر من آل النبي صلى الله عليه وسلم أي: من أتباعه. فآل الرجل أتباعه، فكل من تبع رجلاً صار من آله. كما قال الله تبارك وتعالى: (( أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ))[غافر:46].
أي: فرعون ومن تبعه على دينه وكفره والعياذ بالله، ولذلك لما جاء أبرهة الحبشي ليهدم الكعبة قال عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم أبياتاً من الشعر منها:
اللهُمَّ إن العبد يمنع رَحْـ لَـهُ فامنـع رِحـالـك
لا يَغْلِبَنَّ صليبُهـم ومِحا لُهـم غـدواً مِحـالـك
وانصر علـى آل الصَّليـ بِ وعابديـه اليوم آلك
القول الرابع: علي وفاطمة والحسن والحسين وذريتهما دون غيرهما:
واستدلوا بحديث الكساء وهو (أن النبي صلى الله عليه وسلم - كما روت عائشة رضي الله عنها- دخل عليه علي بن أبي طالب، فأدخله تحت كسائه –عباءته- ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء الحسن فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله، ثم جَلَّلَهم – أي: غطاهم- ثم قرأ: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ))[الأحزاب:33]) أخرجه مسلم.
فدل على أن هؤلاء أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
واستدلوا كذلك بآية المباهلة وهي قوله تبارك وتعالى: (( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ))[آل عمران:61]، فقالوا: دعا النبي صلى الله عليه وسلم أقرب الناس إليه وهم آله، فكانوا علياً وفاطمة والحسن والحسين. أخرجه البخاري ومسلم.
والصحيح من هذه الأقوال: أن آل النبي صلى الله عليه وسلم هم من حرموا الصدقة. والصحيح أن الذين تحرم عليهم هم بنو هاشم فقط، أما بنو المطلب فالصحيح أنه لا تحرم عليهم الزكاة. والله أعلم
وأما نساء النبي فهن من آل البيت بالتبعية لا بالأصالة، وذلك أنهن قبل اقترانهن بالنبي لم يكنَّ من آل البيت.
من أشهر الأقوال في ذكر آل البيت :
اختلف العلماء في المراد بآل النبي صلى الله عليه وسلم, على مذاهب، نذكر أشهرها: المذهب الأول: أنهم بنو هاشم فقط, وهو ما ذهب إليه أبو حنيفة ومالك , ويعللون ذلك بأن آله صلى الله عليه وسلم هم من اجتمع معه عليه الصلاة والسلام في هاشم, قالوا: والمطلب لم يجتمع معه عليه السلام في هاشم, لأن المطلب أخو هاشم، وكما أن عبد شمس ونوفلا أخوان لهاشم وهما ليسا من آل البيت، فكذلك المطلب .
ويبين العيني المراد ببني هاشم فيقول: وبنو هاشم هم آل علي وآل عباس وآل جعفر وآل عقيل وآل الحارث بن عبد المطلب .
المذهب الثاني: أن آل البيت هم بنو هاشم وبنو المطلب فقط وهو المذهب عند الشافعية, والحنابلة . ويؤيد هذا ما رواه جبير بن مطعم رضي الله عنه، أنه قال: مشيت أنا و عثمان بن عفان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلنا: أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن بمنزلة واحدة منك، فقال: ( إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد ) قال جبير : "ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمس وبني نوفل شيئا". وفي هذا يقول الشيخ الشنقيطي في الأضواء : " ولما ناصر بنو المطلب بن عبد مناف بني هاشم، ولم يناصرهم بنو عبد شمس بن عبد مناف وبنو نوفل بن عبد مناف، عرف النبي صلى الله عليه وسلم لبني المطلب تلك المناصرة التي هي عصبية نسبية لا صلة لها بالدين، فأعطاهم من خمس الغنيمة مع بني هاشم، وقال:" إنا وبني المطلب لم نفترق في جاهلية ولا إسلام "، ومنع بني عبد شمس وبني نوفل من خمس الغنيمة، مع أن الجميع أولاد عبد مناف بن قصي".
نقلا وبتصرف عن بعض المواقع الالكترونية.