العودة   ديوان الأشراف الأدارسة > ديوان الأشراف الأدارسة > مشجرات الأشراف الأدارسة
 

مشجرات الأشراف الأدارسة استعراض ودراسة جميع مشجرات الأشراف الأدارسة ومحاولة تحميلها من خلال رابط لجميع الأعضاء ومحاولة ربطها مع بعضها البعض.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 08-05-2018, 02:17 PM
الصورة الرمزية عبدالمالك زروقي الخبازي الحمزاوي الإدريسي
مراقب عام بديوان الأشراف الأدارسة
 





افتراضي رد: مشجر حكام الأندلس من آل حمود العمرانيون الأدارسة

ذكر ابتداء الدولة العلوية بالأندلس
الكامل في التاريخ - ابن الأثير - ج ٩ - الصفحة ٢٦٩ وما بعدها
------------------------


ذكر ابتداء الدولة العلوية بالأندلس وقتل سليمان وفي هذه السنة ولي الأندلس علي بن حمود بن أبي العيش بن ميمون بن أحمد بن علي بن عبد الله بن عمر بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام.
وقيل في نسبه غير ذلك مع اتفاق على صحة نسبه إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام، وكان سبب ذلك أن الفتى خيران العامري لم يكن راضيا بولاية سليمان بن الحاكم الأموي لأنه كان من أصحاب المؤيد على ما ذكرناه قبل فلما ملك سليمان قرطبة انهزم خيران في جماعة كثيرة من الفتيان العامريين فتبعهم البربر وواقعهم، فاشتد القتال بينهم وجرح خيران عدة جراحات وترك على أنه ميت فلما فارقوه قام يمشي فأخذ رجل من البربر إلى داره بقرطبة وعالجه فبرأ وأعطاه مالا وخرج منها سرا إلى شرق الأندلس، فكثر جمعه وقويت نفسه وقاتل من هناك من البربر وملك المرية واجتمع إليه الأجناد وأزال البربر عن البلاد المجاورة له فغلظ أمره وعظم شأنه.
وكان علي بن حمود بمدينة سبتة بينه وبين الأندلس عدوة المجاز مالكا لها، وكان أخوه القاسم بن حمود بالجزيرة الخضراء مستوليا عليها وبينهما المجاز، وسبب ملكهما أنهما كانا من جملة أصحاب سليمان بين الحاكم فقودهما على المغاربة ثم ولاهما هذه البلاد وكان خيران يميل إلى دولة المؤيد ويرغب فيها ويخطب له على منابر بلادها التي استولى عليها لأنه كان يظن حياته حيث فقد من القصر فحدث لعلي بن حمود طمع في ملك الأندلس لما رأى من الاختلاف، فكتب إلى خيران يذكر له أن المؤيد كان كتب له بولاية العهد والأخذ بثأره إن هو قتل فدعا لعلي بن حمود بولاية العهد.
وكان خيران يكاتب الناس ويأمرهم بالخروج على سليمان فوافقه جماعة منهم عامر بن فتوح وزير المؤيد وهو بمالقة وكاتبوا علي بن حمود وهو بسبتة ليعبر إليهم ليقوموا معه ويسيروا إلى قرطبة فعبر إلى مالقة في سنة خمس وأربعمائة فخرج عنها عامر بن فتوح وسلمها ودعا بولاية العهد، وسار خيران ومن أجابه إليه فاجتمعوا بالمنكب وهي ما بين المرية ومالقة سنة ست وأربعمائة وقرروا ما يفعلونه وعادوا يتجهزون لقصد قرطبة، فتجهزوا وجمعوا من وافقهم وساروا إلى قرطبة وبايعوا عليا على طاعة المؤيد الأموي.
فلما بلغوا غرناطة أميرها وسار معهم إلى قرطبة فخرج سليمان والبربر إليهم فالتقوا واقتتلوا على عشرة فراسخ ونشب القتال بينهم فانهزم سليمان والبربر وقتل منهم خلق كثير، وأخذ سليمان أسيرا فحمل إلى علي بم حمود ومعه أخوه وأبوه الحاكم بن سليمان بن عبد الرحمن الناصر ودخل علي بن حمود قرطبة في المحرم سنة سبع [وأربعمائة]

ودخل خيران وغيره إلى القصر طمعا في أن يجدوا المؤيد حيا فلم يدوه ورأوا شخصا مدفونا فنبشوه، وجمعوا له الناس وأحضروا بعض فتيانه الذين رباهم وعرضوه عليه ففتشه وفتش أسنانه لأنه كان له سن سوداء وكان يعرفها ذلك الفتى فاجمع هو وغيره على أنه المؤيد خوفا على أنفسهم من علي فأخبروا خيران أنه المؤيد، وكان ذلك الفتى يعلم أن المؤيد حي فأخذ علي بن حمود سليمان وقتله سابع المحرم سنة سبع [وأربعمائة] وقتل أبه واخاه.
ولما حضر أبوه بين يدي علي بن حمود قال له يا شيخ قتلتم المؤيد فقال والله ما قتلناه وإنه لحي، فحينئذ أسرع في قتله، وكان شيخا صالحا منقبضا لم يتدنس بشيء من أحوال ابنه، واستولى علي بن حمود علي قرطبة ودعا الناس إلى بيعته فبويع واجتمع له الملك، ولقب المتوكل على الله.
ثم إن خيران أظهر الخلاف عليه لأشياء منها أنه كان طامعا أن يجد المؤيد فلم يجده، ومنها أنه نقل إليه أن عليا يريد قتله، فخرج عن قرطبة واظهر الخلاف عليه.
ذكر ظهور عبد الرحمن الأموي لما خالف خيران عليا أرسل يسأل عن بني أمية فدل على عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك بن عب الرحمن الناصر الأموي وكان قد خرج من قرطبة مستخفيا ونزل بجيان وكان أصلح من بقي من بني أمية، فبايعه خيران وغيره ولقبوه مرتضى وراسل خيران منذر بن يحيى التجيبي أمير سرقسطة والثغر الأعلى وراسل أهل شاطبة وبلنسية وطرطوشة والبنت فأجابوا كلهم إلى بيعته والخلاف على علي بن حمود، فاتفق عليه أكثر الأندلس واجتمعوا بموضع يعرف بالرياحين بالأضحى سنة ثمان وأربعمائة ومعهم الفقهاء والشيوخ، وجعلوا الخلافة شورى وأصفقوا على بيعه، وساروا معه إلى صنهاجة والنزول على غرناطة.
وأقبل المرتضى على أهل بلنسية وشاطبة وأظهر الجفاء لمنذر بن يحيى التجيبي ولخيران ولم يقبل عليهما، فندما على ما كان منهما وسار حتى وصل إلى غرناطة فوصل إليها ونزل عليها وقاتلوا أياما قتالا شديدا فغلبهم أهل غرناطة وأميرهم زاوي بن زيري الصنهاجي، وانهزم المرتضى وعسكره واتبعتهم صنهاجة يقتلون ويأسرون وقتل المرتضى في هذه الهزيمة وعمره أربعون سنة وهو أصغر من أخيه هشام وسار أخوه هشام إلى البنت وأقام بها إلى أن خوطب بالخلافة ولم يزل علي بن حمود بعد هذه الهزيمة يقصد بلاد خيران والعامريين مرة بعد أخرى.
ذكر قتل علي بن حمود العلوي فلما كان في ذي القعدة سنة ثمان وأربعمائة تجهز علي بن حمود للمسير إلى جيان لقتال من بها من عسكر خيران، فلما كان الثامن والعشرون منه برزت العساكر إلى ظاهر قرطبة بالبنود والطبول ووقفوا ينتظرون خروجه، فدخل الحمام ومعه غلمانه، فقتلوه، فلما طال على الناس انتظاره بحثوا عن أمره فدخلوا عليه فرأوه مقتولا، فعاد العسكر إلى البلد.
وكان لقبه المتوكل على الله، وقيل الناصر لدين الله وكان أسمر أعين أكحل، خفيف الجسم طويل القامة حازما عازما عادلا حسن السيرة وكان قد عزم على إعادة أموال أهل قرطبة إليهم التي أخذها البربر، فلم تطل أيامه وكان يحب المدح ويجزل العطاء عليه.
ثم ولي بعده أخوه القاسم وهو أكبر من علي بعدة أعوام وكان عمر علي ثمانيا وأربعين سنة بنوه يحيى وإدريس وأمه قرشية وكنيته أبو الحسن وكانت ولايته سنة وتسعة أشهر.
ذكر ولاية القاسم بن حمود العلوي بقرطبة قد ذكرنا قتل أخيه علي بن حمود سنة سبع وأربعمائة، فلما قتل بايع الناس أخاه القاسم ولقب المأمون، فلما ولي واستقر ملكه كاتب العامريين واستمالهم، وأقطع زهيرا جيان وقلعة رباح وبياسة، وكاتب خيران واستعطفه فلجأ إليه واجتمع به ثم عاد عنه إلى المرية، وبقي القاسم مالكا لقرطبة وغيرها إلى سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
وكان وادعا لينا يحب العافية فأمن الناس معه وكان يتشيع إلا أنه لم يظهر شيئا من ذلك، فسار عن قرطبة إلى إشبيلية فخاله يحيى ابن أخيه فيها.
ذكر دولة يحيى بن علي بن حمود وما كان منه ومن عمه لما سار القاسم بن حمود عن قرطبة إلى إشبيلية سار ابن أخيه يحيى بن علي من مالقة إلى قرطبة فدخلها بغير مانع فلما تمكن بقرطبة دعا الناس إلى بيعته فأجابوه فكانت البيعة مستهل جمادى الأولى من سنة اثنتي عشرة وأربعمائة ولقب بالمعتلي وبقي بقرطبة يدعى له بالخلافة وعمه القاسم بإشبيلية يدعى له بالخلافة إلى ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. فسار يحيى عن قرطبة إلى مالقة.
ووصل الخبر إلى عمه فركب وجد في السير ليلا ونهارا إلى أن وصل إلى قرطبة، فدخلها ثامن عشر ذي القعدة سنة ثلاث عشرة [وأربعمائة]، وكان مدة مقامه بإشبيلية قد استمال العساكر من البربر وقوي بهم وبقي القاسم بقرطبة شهورا ثم اضطراب أمره بها وسار ابن أخيه يحيى بن علي إلى الجزيرة الخضراء وغلب عليها وبها أهل عمه وماله، وغلب أخوه إدريس بن علي صاحب سبتة على طنجة وهي كانت عدة القاسم التي يلجأ إليها إن رأى ما يخاف بالأندلس فلما ملك ابنا أخيه بلاده طمع فيه الناس وتسلط البربر على قرطبة فأخذوا أموالهم، فاجتمع أهلها وبرزوا إلى قتاله عاشر جمادى الأولى سنة أربع عشرة [وأربعمائة]، فاقتتلوا قتالا شديدا، ثم سكنت الحرب وأمن بعضهم بعضا إلى منتصف جمادى الأولى من السنة والقاسم بالقصر يظهر التودد لأهل قرطبة وأنه معهم وباطنه مع البربر.
فلما كان يوم الجمعة منتصف جمادى الآخرة صلى الناس الجمعة فلما فرغوا تنادوا السلاح السلاح فاجتمعوا ولبسوا السلاح وحفظوا البلد ودخلوا قصر الإمارة، فخرج عنها القاسم واجتمع معه البربر وقاتلوا أهل البلد وضيقوا عليهم وكانوا أكثر من أهله، فبقوا كذلك نيفا وخمسين يوما والقتال متصل فخاف أهل قرطبة وسألوا البربر في أن يفتحوا لهم الطريق ويؤمنوهم على أنفسهم وأهليهم فأبوا إلا أن يقتلوهم فصبروا حينئذ على القتال وخرجوا من البلد ثاني عشر شعبان وقاتلوهم قتال مستقتل فنصرهم الله على البربر (ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله)، وانهزم البربر هزيمة عظيمة ولحق كل طائفة منهم ببلد فاستولوا عليه.
وأما القاسم بن حمود فإنه سار إلى إشبيلية وكتب إلى أهلها في إخلاء الف دار ليسكنها البربر فعظم عليهم، وكان بها ابناه محمد والحسن، فثار بهما أهلها فأخرجوهما عنهم ومن معهما وضبطوا البلد وقدموا على أنفسهم ثلاثة من شيوخهم وكبرائهم وهم القاضي أبو القاسم محمد بن إسماعيل بن عباد اللخمي ومحمد بن يريم الألهاني ومحمد بن الحسن الزبيدي، وكانوا يدبرون أمر البلد والناس.
ثم اجتمع ابن يريم والزبيدي وسألوا ابن عباد أن ينفرد بتدبير أمورهم، فامتنع وألحوا عليه فلما خاف على البلد بامتناعه أجابهم إلى ذلك وانفرد بالتدبير وحفظ البلد.
فلما رأى القاسم ذلك سار في تلك البلاد ثم إنه نزل بشريش فزحف إليه يحيى ابن أخيه ومعه جمع من البربر فحصروه ثم أخذوه أسيرا في حبسه فبقي بل مات حتف أنفه وحمل إلى ابنه محمد وهو بالجزيرة الخضراء فدفنه.
وكانت مدة ولاية القاسم بقرطبة مذ تسمى بالخلافة إلى أن أسره ابن أخيه ستة أعوام سنة، وله من الولد محمد والحسن أمهما أميره بنت الحسن بن القاسم المعروف بقتون بن إبراهيم بن محمد بن القاسم بن إدريس بن إدريس بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، وكان أسمر أعين أكحل مصفر اللون طويلا خفيف العارضين.
ذكر عود بني أمية إلى قرطبة وولاية المستظهر لما انهزم البربر والقاسم بن علي من أهل قرطبة على ما ذكرناه اتفق رأي أهل قرطبة على رد بني أمية فاختاروا عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر الأموي فبايعوه بالخلافة ثالث عشر رمضان من سنة أربع عشرة وأربعمائة وعمره حينئذ اثنتان وعشرون سنة وتلقب بالمستظهر بالله فكانت ولايته شهرا واحدا وسبعة عشر يوما وقتل وكان سبب قتله أنه أخذ جماعة من أعيان قرطبة واحدا وسبعة عشر يوما وقتل.
وكان سبب قتله أنه أخذ جماعة من أعيان قرطبة فسجنهم لميلهم إلى سليمان بن المرتضى عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر وأخذ أموالهم، فسعوا عليه من السجن وألبوا الناس فأجابهم صاحب الشرطة وغيره واجتمعوا وقصدوا السجن فأخرجوا من فيه.
وكان ممن وافقهم على ذلك أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن الأموي في جماعة كثيرة فظفروا بالمستظهر فقتلوه في ذي القعدة ولم يعقب، وكنيته أبو المطرف وأمه أم ولد، وكان أبيض أشقر أعين شثن الكفين رحب الصدر وكان أديبا خطيبا بليغا رقيق الطبع له شعر جيد وكان وزيره أبا محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم وكان سليمان بن المرتضى قد مات قبل قتله بعشرة أيام.
ذكر ولاية محمد بن عبد الرحمن لما قتل المستظهر بايع الناس بقرطبة محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن الناصر وكنيته أبو عبد الرحمن الأموي في ذي القعدة سنة أربع عشرة وأربعمائة وخطبوا له الخلافة ولقبوه المستكفي بالله، وكان همه لا يعدو فرجه وبطنه وليس له هم ولا فكر في سواهما، وبقي بها سته عشر شهرا وأياما وثار عليه أهل قرطبة في ربيع الأول سنة ست عشرة وأربعمائة فخلعوه وخرج عن قرطبة ومعه جماعة من أصحابه حتى صار إلى أعمال مدينة سالم فضجر منه بعض أصحابه فشوى له دجاجة وعمل فيها شيئا من البيش، فأكلها فمات في ربيع الآخر من هذه السنة.
وكان في غاية التخلف وله أخبار يقبح ذكرها وكان ربعه أشقر أزرق مدور الوجه ضخم الجسم وكان عمره نحو خمسين سنة.
ولما توفي أعاد أهل قرطبة دعوة المعتلي بالله يحيى بن علي بن حمود العلوي بها.
ذكر عود يحيى العلوي إلى قرطبة وقتله ولما مات أبو عبد الرحمن الأموي وصح عند أهل قرطبة خبر موته سعى معهم بعض أهلها ليحيى بن علي بن حمود العلوي ليعيدوه إلى الخلافة وكان بمالقة يخطب لنفسه بالخلافة فكتبوا إليه وخاطبوه بالخلافة وخطبوا له في رمضان سنة ست عشرة وأربعمائة، فأجابهم إلى ذلك وأرسل إليهم عبد الرحمن بن عطاف اليفرني واليا عليهم ولم يحضر هو باختياره، فبقي عبد الرحمن فيها إلى محرم سنة سبع عشرة، فسار إليه مجاهد وخيران العامريان في ربيع الأول منها في جيش كثير، فلما قاربوا قرطبة ثار أهلها بعبد الرحمن فأخرجوه وقتلوا من أصحابه جماعة كثيرة ونجا الباقون.
وأقام خيران ومجاهد نحو شهر ثم اختلفا فخاف كل واحد منهما صاحبه، فعاد خيران عن قرطبة لسبع بقين من ربيع الآخرة من السنة إلى المرية بقي بها إلى سنة ثمان عشرة وتوفي وقيل سنة تسع عشرة وصارت المرية بعده لصاحبه زهير العامري فخالف حبوس بن ماكسن الصنهاجي البربري وأخوه على طاعة يحيى بن علي العلوي، وبقي مجاهد مدة ثم سار إلى دانية وقطعت خطبة يحيى منها وأعيدت خطبة الأمويين على ما نذكره فيما بعد ان شاء الله، وبقي يتردد عليها بالعساكر واتفق البربر على طاعته وسلموا إليه ما بأيديهم من الحصون والمدن فقوي وعظم شأنه، وبقي كذلك مدة.
ثم سار إلى قرمونة فأقام بها محاصرا لإشبيلية طامعا في أخذها، فأتاه الخبر يوما أن خيلا لأهل إشبيلية قد أخرجها القاضي أبو القاسم بن عباد إلى نواحي قرمونة فركب إليهم ولقيهم وقد كمنوا له، فلم يكن بأسرع من أن قتل وذلك في المحرم سنة سبع وعشرين وأربعمائة، وخلف من الولد الحسن وإدريس لأمي ولد وكان أسمر أعين أكحل طويل الظهر قصير الساقين وقورا هينا لينا وكان عمره اثنتين وأربعين سنة وأمه بربرية.
ذكر أخبار أولاد يحيى وأولاد أخيه وغيرهم وقتل ابن عمار نذكر ههنا ما كان من أخبار أولاده وأولاد أخيه وغيرهم من العلويين متتابعا لئلا ينقطع الكلام وليأخذ بعضه ببعض.
لما قتل يحيى بن علي رجع أبو جعفر أحمد بن أبي موسى المعروف بابن بقية ونجا الخادم الصقلبي وهما مدبرا دولة العلويين فأتيا مالقة وهي دار مملكتهم، فخاطبا أخاه إدريس بن علي، وكان له سبتة وطنجة وطلباه فأتى إلى مالقة وبايعاه بالخلافة على أن يجعل حسن بن يحيى المقتول مكانه بسبتة، فأجابهما إلى ذلك فبايعاه، وسار حسن بن يحيى ونجا إلى سبتة وطنجة وتلقب إدريس بالمتأيد بالله فبقي كذلك إلى سنة ثلاثين أو إحدى وثلاثين وأربعمائة.
فسير القاضي أبو القاسم بن عباد ولده إسماعيل في عسكر ليتغلب على تلك البلاد فأخذ قرمونة وأخذ أيضا أشبونة واستجة.
فأرسل صاحبها إلى إدريس وغلى باديس بن حبوس صاحب صنهاجة فأتاه صاحب صنهاجة بنفسه وأمده إدريس بعسكر يقوده ابن بقية مدبر دولته فلم يجسروا على إسماعيل بن عباد فعادوا عنه، فسار إسماعيل مجدا ليأخذ على صنهاجة الطريق فأدركهم وقد فارقهم عسكر إدريس قبل ذلك بساعة، فأرسلت صنهاجة من ردهم فعادوا وقاتلوا إسماعيل بن عباد فلم يلبث أصحابه أن انهزموا وأسلموه فقتل وحمل رأسه إلى إدريس.
وكان إدريس قد أيقن بالهلاك وانتقل عن مالقة إلى جبل يحتمي به وهو مريض فلما أتاه الرأس عاش بعده يومين ومات وترك من الولد يحيى ومحمدا وحسنا وكان يحيى بن علي المقتول قد حبس ابني عمه محمدا والحسن ابني القاسم بن حمود بالجزيرة.
فلما مات إدريس أخرجهما الموكل بهما ودعا الناس إليهما فبايعهما السودان خاصة قبل الناس لميل أبيهما إليهم، فملك محمد الجزيرة ولم يتسم بالخلافة.
وأما الحسن بن القاسم فإنه تنسك وترك الدنيا وحج وكان ابن بقية قد أقام يحيى بن إدريس بعد موت والده بمالقة فسار إليها نجا الصقلبي من سبتة هو والحسن بن يحيى فهرب ابن بقية ودخلها الحسن ونجا، فاستمالا ابن بقية حتى حضر فقتله الحسن وقتل ابن عمه يحيى بن إدريس وبايعه الناس بالخلافة ولقب بالمستنصر بالله، ورجع نجا إلى سبتة وترك مع الحسن المستنصر نائبا له يعرف بالشطيفي، فبقي حسن كذلك نحوا من سنتين ثم مات سنة أربع وثلاثين وأربعمائة فقيل إن زوجته ابنة عمه إدريس سمته أسفا على أخيها يحيى فلما مات المستنصر اعتقل الشطيفي إدريس بن يحيى، وسار نجا من سبتة إلى مالقة وعزم على محو أمر العلويين وأن يضبط البلاد لنفسه، وأظهر البربر على ذلك فعظم عندهم فقتلوه وقتلوا الشطيفي وأخرجوا إدريس ين يحيى وبايعوه بالخلافة وتسمى بالعالي، وكان كثير الصدقة يتصدق كل جمعة بخمسمائة دينار ورد كل مطرود عن وطنه وأعاد عليهم أملاكهم.
وكان متأدبا حسن اللقاء له شعر جيد إلا أنه كان يصحب الأرذال ولا يحجب نساءه عنهم وكل من طلب منهم حصنا من بلاده أعطاه فأخذ منه صنهاجة عدة حصون وطلبوا وزيره ومدبر أمره صاحب أبيه موسى بن عفان ليقتلوه فسلمه إليهم فقتلوه، وكان قد اعتقل ابني عمه محمدا والحسن ابني إدريس بن علي في حصن أيرش، فلما رأى ثقته بأيرش اضطراب آرائه خالف عليه وبايع ابن عمه محمد بن إدريس بن علي، وثار بإدريس بن يحيى من عنده من السودان وطلبوا محمدا فجاء إليهم فسلم إليه إدريس الأمر وبايع له سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، فاعتقله محمد وتلقب بالمهدي وولى أخاه الحسن عهده ولقبه السامي.
وظهرت من المهدي شجاعة وجراءة فهابه البربر وخافوه، فراسلوا الموكل بإدريس ين يحيى، فأجابهم إلى إخراجه وأخرجه له وبايع وخطب له بسبتة وطنجة بالخلافة وبقي إلى أن توفي سنة ست وأربعين [وأربعمائة].
ثم إن المهدي رأى من أخيه السامي ما أنكره فنفاه عنه فسار إلى العدوة إلى جبال غمارة وأهلها ينقادون للعلويين ويعظمونهم فبايعوه، ثم إن جاء البربر خاطبوا محمد بن القاسم بالجزيرة واجتمعوا إليه وبايعوه بالخلافة وتسمى بالمهدي أيضا، فصار الأمر في غاية الأخلوقة والفضيحة أربعة كلهم يسمى أمير المؤمنين في رقعة من الأرض مقدارها ثلاثون فرسخا، فرجعت البربر عنه وعاد إلى الجزيرة ابنه القاسم ولم يتسم بالخلافة، وبقي محمد بن إدريس بمالقة إلى أن مات سنة خمس وأربعين [وأربعمائة]، وكان إدريس بن يحيى المعروف بالعالي عند بني يفرن بتاكرنا، فلما توفي محمد بن إدريس بن علي قصد إدريس بن يحيى مالقة فملكها، ثم انتقلت إلى صنهاجة.

 

 

التوقيع :
رد مع اقتباس
 
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:16 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir