اسمك اللهم
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و آل محمد
و بعد:
الخطوة الثانية
{ رب اشرح لي صدري و يسر لي أمري و احلل عقدة من لساني يفقهوا قولي }
أقول و اعتمادي على الله سبحانه و تعالى و هو ولي التوفيق
تقرر في الشريعة الإسلامية أن أمر الأنساب موكول إلى أربابها و أنهم هم المسئولون عنها، و المصدقون فيها ، و أن الطعن لا يقبل إلا بدليل قاطع و قد تقرر ايضا في كتب الفقه قديما و حديثا أن من كلام الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه : الناس مصدقون في أنسابهم على ما حازوا و عرفوا به كحيازة الأملاك، -و هي وجهة نظر منطقية -، كما تقرر أيضا أن المثبت للشيء مقدم على النافي لذلك الشيء إلا بدليل قاطع، و أن الظن لا ينقض بالظن كما تقرر في علم الأصول و تداوله الفقهاء و اتخذوه قاعدة صحيحة و جعلوه أصلا تنبني عليه الأحكام الشرعية، إلا أن يكون الطاعنون أكثر من المثبتين، على أن يكون الأولون من نفس قوم الأخيرين و من ذوي العلم و المعرفة فيهم لا من غيرهم. و أنه في حالة تماثل البينيتين ، تسقطان معا و يبقى الشيء على أصله و النسب بيد حائزه، و حتى لا أطيل فلب الكلام هو أن الظن لا ينقض بالظن.
و قبل ان اشرع فيما انا بصدده اوضح، اني استعمل لفظة المغرب و اعني بها المغرب الكبير و في حالة
اردت تخصيص قطر عن الآخر فسأذكره بما هو متعارف عليه الأدنى و الأوسط و الأقصى.
و لنأخذ الموضوع الأول و المتعلق بالأدارسة و السليمانيين
القيمون على موقع جمعية التنزيه يحاولن فرض أمرين
-- الأول و هو أن الأدارسة و السليمانيين كانوا قليلي العدد، و التناقض يبدو جليا فيما اعتمدوه من أدلة
فقد أوردوا شهادات من كتاب ( لباب الأنساب و الألقاب) لابن فندق البيهقي و الذي اثبت قلة عدد الأدارسة ، ثم بقول السيد مهدي رجائي الذي اثبت هو الآخر قلة عدد الأدارسة ، ثم بقول ابو نصر البخاري في كتابه ( سر السلسلة العلوية )، و قد خفي أمره {إدريس بن عبد الله} لأنه كان بالمغرب فكان بعيدا ، ثم أخيرا قول ابن عنبة عمدة القوم و المعول عليه في رفض و قبول الأنساب الأخير و لله الحمد اقر بعكس ما صرح به السالفون بقوله: و بنو إدريس كثيرون و هم في نسب القطع. و بعد هذه الشهادة فقد كفيت عناء الإتيان بشهادات مماثلة و لله ذره من قائل و شهد شاهد من اهلها.
--و الثاني هو ان الأدارسة و السليمانيين اناسبهم دوما محل شك و ارتياب، و في حاجة الى البينة من اجل الإثبات، و هنا أقول و انطلاقا من مبدأ { إن أكرمكم عند الله اتقاكم} لا فضل لكم أهل المشرق علينا أهل المغرب إلا بالتقوى و ما تطبقوه علينا من قواعد طبقوها عليكم انتم ايضا، فأنسابنا عندكم في حكم القطع ، و كذلك انسابكم عندنا في حكم القطع، و العمدة عندكم هي بعد الشقة و المسافة و هي نفسها عندنا، فمن جائكم منا طالبتموه بالبينة و من جائنا منكم بها طالبناه ، و هنا سيبرز مشكل آخر و هو اعتماد البينات و قبولها، فهل بينة اهل المغرب و إن تعددت من قبيل شهادة العدول، و مراسيم الحكام، و التواتر، و الإشتهار مقبولة لديكم؟ و العكس صحيح فإن رددتم بيناتنا رددنا بيناتكم، ثم ماذا بعد كل هاذا ؟
لا تقرون لنا نسبا و لا نقر لكم نسبا. فرجاءا يا اصحاب موقع جمعية التنزيه حكموا عقولكم و لا تنسوا أن اهل مكة أدرى بشعابها، و منها ان اهل المغرب انتظموا حول الأدارسة وأقروا لهم نسبهم حين اجتمع فقهاؤكم و سادتكم من بني العباس فجعلوا الإمام ادريس الثاني رضي الله عنه لغير ابيه و نسبوه لمولاه راشد و العياذ بالله من الطعن في الأنساب، فأي بينة تريدون من الأدارسة و قد نسبتموهم لغير رشدة. و اعلموا يا اصحاب موقع التنزيه أن الأدارسة او السليمانيين ليس من السهل لبس جلدتهم او انتحال نحلتهم، و كل دعي فيهم، فضح الله أمره، و ليسوا بحاجة الى من يوثق لهم انسابهم او انتمائهم لآل البيت .
و لله ذره من قائل:
لا تترك التقوى اتكالا على النسب فقد رفع ***** الإسلام سلمان فارس وضع الشريف ابا لهب
فانظروه جزاكم الله و اعتبروا.
ثم لننتقل الى الموضوع الثاني و هو النسب الشريف لملوك المغرب
فالخلاف و اللبس عند اصحاب موقع التنزيه يكمن في انتساب اسماعيل الى محمد النفس الزكية، أولا هم قد نقلوا النسب الأول من موقع الإمام الرضى الشيعي - و لمن اردا التأكد فليضغط على الرابط المبثوث أعلاه – فبالله عليكم اشرحوا لي هذا التناقظ، موقع شيعي يفخر بالسادة العلويين ملوك المغرب و يضرب بهم المثل و موقع شيعي آخر ينسبهم لغير رشدة.
و ليعلم القارئ أن نسب السادة العلويين ينتهي الى السيد اسماعيل بن القاسم بن محمد النفس الزكية و به يكنى -كما ورد في كتاب الدرر البهية لصاحبه مولاي ادريس الفضيلي العلوي و في كتاب الإستقصا لتاريخ دول المغرب الأقصى لصاحبه احمد بن خالد الناصري الجعفري الطالبي الهاشمي
كما اورد صاحب كتاب سلسلة الأصول في شجرة ابناء الرسول: ان محمد النفس الزكية اعقب سبعة ابناء و قيل ستة و هم القاسم و به يكنى و يلقب الأكبر و عبد لله الأشتر و فيهما البيت و العدد و علي و الحسن بالتكبير خلافا لمصعب إذ جعله مصغرا و احمد و ابراهيم و الطاهر و قد اثبتهم صاحب درة التيجان بقوله:
محمد فرع المعالي قد سما*****ولد سبع كالثريا في السما
فمنهم القاسم فيما ذكروا*****و عابد الإله و هو الأشتر
و فيهما العقب و الأنساب*****و البيت و الشرف و الأحساب
ثم علي و الحسين الباهر*****احمد ابراهيم ثم الطاهر
و ذاك في الدر السني ما ذكر*****و عدهم سبعا و في ذلك نظر
و كما ورد ايضا عند ابن عنبة إذ قال{ فالعقب من محمد ذي النفس الزكية، و يكنى ابا عبد الله، و قيل ابا القاسم، و يلقب المهدي و هو المقتول بأحجار الزيت} و ليس الى اسماعيل بن محمد النفس الزكية و لا الى اسماعيل بن القاسم بن الحسن عبد الله الأشتر بن محمد النفس الزكية.
و معتمد القوم في انكار نسب العلويين الى آل البيت
قال أبن عنبة في عمدة الطالب إنَّ أولاد القاسم بن الحسن بن بن محمد بن عبد الله الاشتر هم: محمد وعلي وعبد الله والحسن والحسين. ولم يذكر له أبناً أسمه "إسماعيل
فإشكال انتماء اسماعيل الى محمد النفس الزكية قد تم فكه.و لننتقل الى فائدة في نسبهم، فهم لم يدعوا نسبهم من اجل ملك او منصب دنيوي لأن الوافد منهم الى المغرب على قول، كان سنة 664 هـ و هو الشريف الحسن الداخل بن القاسم بن محمد بن أبي القاسم بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن ابي محمد بن عرفة بن الحسن بن ابي بكر بن علي بن الحسن بن احمد بن اسماعيل بن القاسم بن محمد النفس الزكية.
و هذا النسب ذكره مجموعة من العلماء الأجلاء من أمثال الشيخ ابي العباس احمد بن ابي القاسم الصومعي و الشيخ ابي عبد الله محمد العربي بن يوسف الفاسي و العلامة الشريف ابي محمد عبد السلام القادري في كتابه الدر السني فيما بفاس من النسب الحسني .
و القائم منهم مجازا هو المولى علي الشريف بن محمد بن علي، و لم يكن قيامه الا سنة 1052 هـ مع العلم ان الحاكم الفعلي و مؤسس الدولة هو ابنه المولى الرشيد و ذلك سنة 1087 هـ فانظر الى الفرق الزمني بين جدهم الداخل و بين قائمهم تجد المدة الزمنية هي 388 سنة يعني قرابة الأربعة قرون و هم مشهورون بالشرف و السيادة، و من أجل إفادة اكبر، أن الدولة التي كانت بالمغرب قبل السادة العلويين هي دولة السادة السعديين بني عمومتهم يجتمعون معهم في محمد بن ابي القاسم بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن ابي محمد بن عرفة.
و قد حدث ان كان سلطان السعديين المنصور الذهبي ذات مرة مجتمعا بالعالم ابو محمد عبد الله بن علي بن طاهر السجلماسي العلوي ، بالقصر الملكي بمراكش فقال السلطان المنصور للشيخ ابو محمد أين اجتمعنا يا فقيه يعني في النسب، فاجابه الشيخ ابو محمد بقوله اجتمعنا على هذا الخوان يعني مائدة الطعام ، كأنه أنكر عليه نسبته للشرف ، و لكن المنصور اطلعه على ظهير فيه خط الشيخ ابن عرفة الإمام و خط شيخه ابن عبد السلام بثبوت نسب السيعديين للشرف النبوي فرجع الشيخ السجلماسي العلوي عن انكاره و دام يصرح بصحة نسبهم للشرف و يزجر من يطعن فيه
فانظر الى جرأة هذا العالم العلوي ، على سلطان عصره، و العلويون ساعتها لا حظ لهم في الملك او في السلطان، ما عدا سلطان العلم و التقوى. فهل بعد هذا من دليل اثبات؟
و أخيرا ننتهي بالموضوع الثالث و يخص السادة العراقيين بالمغرب
اصحاب موقع التنزيه لهم اشكال في جعل الذرية لاسماعيل بن ابراهيم بن موسى الرضى و قد اعتمدوا في نفي نسب السادة العراقيين على ثمانية آراء افصلها فيما يلي و بالتحليل المنطقي و الشرعي
***** الرأي الأول للبخاري و هو ينفي النسب او العقب عن اسماعيل بن ابراهيم بن موسى الرضى. و يثبته لأخويه موسى و جعفر .
***** الرأي الثاني لشيخ الشرف العبدلي يتفق مع البخاري و ينفي الذرية عن اسماعيل بن ابراهيم بن موسى الرضى.
***** الرأي الثالث لأبو عبد الله طباطبا يثبت الذرية لاسماعيل بن ابراهيم ، كما هو مبين اعلاه.
***** الرأي الرابع لابن حزم نرجحه لبينة الإثبات لأن سكوته عن ذكر الذرية لاسماعيل لا يعني عدم وجودها لأنه سكت حتى عن ذكر ذرية جعفر فإذا اعتمدنا سكوته عن ذكر ذرية اسماعيل دليلا ، وجب اعتماد سكوته عن ذكر ذرية جعفر دليلا ايضا لأنهما اخوة و لا فضل لأحدهما على الآخر الا من جانب التقوى. و لتعلم ايها القارئ ان ابن حزم قال في مقدمة جمهرته ما يلي: فجمعنا في كتابنا هذا تواشج ارحام قبائل العرب، و تفرق بعضها من بعض، و ذكرنا من أعيان كل قبيلة مقدارا يكون من وقف عليه خارجا من الجهل بالأنساب، و مشرفا على جمهرتها و بالله التوفيق، فمن خلال ما كتبه ابن حزم يتضح لك من كلمتي أعيان و مقدار، المعيار الذي اعتمده المؤلف.
***** الرأي الخامس لأبي الفضل احمد بن مهنا العبدلي وقد اثبت الذرية لاسماعيل و الحقها بالعلويين
***** الرأي السادس ابن الطقطقي هو الآخر اثبت الذرية لاسماعيل بن ابراهيم و الحقها بالعلويين ، بل و قال بأن اسماعيل اعقب من ولده محمد و ان له عقب بالدينور، و لسنا في حاجة الى مناقشة اعتراض اصحاب الموقع.
***** الرأي السابع لتاج الدين محمد بن معية اعتمد ما قله البخاري و نفى الذرية عن اسماعيل بن ابراهيم .
***** الرأي الثامن لابن عنبة معتمد القوم فقد نفى هو الآخر الذرية عن اسماعيل بن ابراهيم بن موسى الرضى.
و خلاصة مقارنة الآراء الثمانية تظهر بالوضوح تساويها من حيث العدد اربعة آراء تنفي مقابل أربعة تثبت.
و في الأخير خلاصة اصحاب الموقع حيث قالوا:
ونحن نرى ان الشيخ أبو نصر البخاري المتوفى سنة 341هـ هو الاقرب في الزمن لعصر ابراهيم المذكور واولاده. كما ان موافقة شيخ الشرف العبيدلي وأبن معية الحسني وابن عنبة الحسني له هو مما يرجح قوله. ويبطل نسب كل من ينتمي لغير موسى وجعفر من أولاد إبراهيم بن الامام موسى الكاظم عليه السلام.
الخاتمة
و رأيهم مردود عليهم لثلاثة أوجه، اولها تساوي البينيتين و بالتالي تسقط الدعوتين، دعوة النفي و دعوة الإثبات و يبقى للسادة العراقيين بالمغرب نسبهم،
الوجه الثاني ، فرأيهم مبني على الظن و امر الأنساب هو ظني و القاعدة تقول ان الظن لا ينقضه الظن بل البرهان القاطع و لا برهان هنا.
الوجه الثالث أن المثبت للشيئ مقدم على النافي الا ببرهان و في حالتنا هذه فثبوت النسب صحيح للشهرة و التواتر و الوثائق و تساوي البينات عند الإعتماد على بعض المؤلفات و رجوحها لجهة الإثبات باعتماد باقي القواعد. و حتى الطعن لم يكن له سابقة إلا من قبل هذه الجمعية.
و بالتالي تسقط الدعاوى الباطلة لموقع الباطل و يبقى للسادة أعلام المغرب أنسابهم.
و لمن له رأي أو إفادة او تصحيح فليتقدم به مشكورا
م