بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و آل محمد
و بعد: نزولا عند طلب الشريف سيدي هاني العيسوي، بذكر نسب الأشراف الرحاحلة، و تعميما للفائدة و أيضا سعيا وراء صلة الرحم و بصفتي أحد أبناء البيت الرحالي أقول و اعتمادي على الله معرفا، الذي ثبت عندنا و توارثناه ابا عن جد و وثقته الكتب و المؤلفات، فالرحاحلة او آل سيدي رحال السملالي او أولاد بويا رحال و بهذا الإسم هم معروفون بالمغرب الأقصى، هم من ذرية الشيخ ابو العزم سيدي رحال البدالي - نسبة الى درجة الأبدال في هرم الرقي الصوفي- السملالي نسبة الى قبيلة سملالة او إذو سملال - لفظة بربرية تعني آل سملال - و السماليل او السملاليون هم قبيلة بالسوس من المغرب الأقصى -تابعة اداريا اليوم الى اقليم تيزنيت ولاية أكادير - و هي عبارة عن فيدرالية اشراف كبرى تضم الأدارسة و السليمانيين و الجعافرة غير ذرية جعفر بن ابي طالب نتناولهم بحول الله في موضوع خاص، و كتوثيق على التعريف بالسماليل او سملالة فقد قال الشيخ محمد الأمين بن عبد الله الحجاجي الجعفري الصحراوي في كتابه المجد الطارف و التالد على اسئلة الناصري احمد بن خالد، " ..... و لا شك ان الشرف وشيج العراقة في سملالة من قديم لكونهم آوو الأدارسة و السليمانيين بعد اجلائهم و خلعهم شارة الشرف و اختفائهم في القبائل و لبسهم عباءة البداوة و استوائهم مع العامة حتى نسوا نسبهم ثم ذكر ان مشاهيرهم بعد الجزولي القطب الشريف سيدي احمد بن موسى و الشيخ الشريف سيدي رحال البدالي..... انتهى.
و الشيخ سيدي رحال البدالي، اصل اسلافه من تمدولت و رد ان بانيها هو الأمير عبد الله بن الإمام ادريس الأزهر بن الإمام ادريس الأكبر بن عبد الله المحض بن الحسن بن الحسن السبط بن علي بن ابي طالب، و هي مدينة عظيمة مشهورة بالسوس الأقصى لم يبق اليوم منها اثر يذكر الا موقع مفترض، و قد كانت بها قبائل جزولة في الزمن الأول الى ان دخلتها قبائل مجاطة فخربتها، و نسبه رضي الله عنه كما جاء في التراجم الكثيرة و المتعددة هو :
ابو العزم سيدي رحال -لقبه و اشتهر به حتى نسي اسمه الحقيقي لكثرة ارتحاله -و اسمه محمد ( دفين زاويته بأنماي) بن الشيخ سيد احمد البدالي ( دفين قرية بونو بمحاميد الغزلان اقليم ورزازات) بن الحسن بن القاضي بن عبد الواسع الثاني بن ابراهيم الحفيد بن عبد السلام الثاني بن عبد الواسع بن ابراهيم بن عبد السلام بن محمد بن عبد الله بن سفيان بن جابر و قيل جاهر بن علي بن محمد بن سليمان بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي كرم الله وجهه بن ابي طالب. كما أو رده و حققه العلامة محمد العربي بن البهلول في كتابه منهج الإرتحال الى معرفة الشيخ سيدي رحال.
كان رضي الله عنه من مشايخ القرن العاشر الهجري هناك خلاف حول تاريخ ميلاده و يوجد اجماع على انه كان سنة 890 هجرية و توفى تدقيقا سنة 950 هجرية، لأن وفاته تأخرت عن وفاة زميله الشيخ عبد الله الغزواني التي كانت سنة 935 هجرية ب 15 سنة، و قد تتلمذ على يد الشيخ سيدي عبد العزيز التباع تلميذ الشيخ الشريف سيدي محمد بن سليمان الجزولي مؤلف كتاب دلائل الخيرات و صاحب الطريقة الجزولية.
و بعيدا عن حياة التصوف و المجال الديني الغني عن التعريف لدى الشيخ المترجم له، نقفز الى أحد أهم الأدوار السياسية التي قام بها الشيخ قيد حياته و هي قيامه بالصلح الأول بين السلطانين الشقيقين الشريفين سيدي احمد الأعرج السعدي و محمد الشيخ السعدي و قد وردت هذه القصة في كتاب تاريخ الشرفاء ( ترجمة الدكتور محمد حجي و الدكتور محمد الأخضر) لصاحبه القس البرتغالي دييكو دي طوريس حيث يعطينا كرونولوجيا لدور الشيخ بقوله: " لما علم احد الشيوخ ( سيدي رحال) بالنزاع القائم بين الشريفين، و كان يتمتع بسمعة كبيرة بين المسلمين، حاول ان يصلح بينهما، فنظم لهذا الغرض مقابلة و قام بمساع ادت الى ان التقيا معا على ضفة واد العزين الذي ينبع في الأطلس و يقع على نصف المسافة تقريبا من تارودانت، و مع كل واحد منهما خمسمائة فاعس، فجعل الشيخ ينتقل بين محلة هذا و محلة ذاك، ثم افرد الأخوين عن جنودهما و ساقهما الى وسط طريق كبيرة مكشوفة و طلب منهما ان يتحدثا الى بعضهما، و حين اصبحا على بعد يسير نزلا عن فرسهما و تعانقا..... "
و جاء في بحث الطالبة عزو الريطب لنيل الإجازة من جامعة شعيب الدكالي تحت اشراف الدكتور احمد الوارث ما يلي: " و لعل ابرز و اهم دور قام به الشيخ سيدي رحال البدالي لصالح الدولة السعدية هو توسطه في النزاع الذي نشب بين الأخوين أحمد الأعرج ملك مراكش و محمد الشيخ ملك سوس عقب فتح أكادير و تحريرها من يد البرتغاليين عام 1541 حول مسألة الغنائم من جهة و وراثة العرش من جهة ثانية ، فقد ذكرت المصادر انه بمجرد ما شرع الشريفين في الإستعداد للحرب تحرك سيدي رحال الذي غدا آنئذ قطب اولياء الجنوب بعد وفاة سائر منافسيه في محاولة لخنق الصراع، و هكذا اتصل الشيخ رحال بأحمد الأعرج و دعاه للتمسك بجانب الحكمة تلافيا لقطع العلاقات مع اخيه، و حتى يترك له فرصة عرض وساطته على الأمير محمد الشيخ و قد توجت مساعيه فعلا بتنظيم لقاء بين الشريفين على ضفاف نهر إسلي....." و قد ورد ذكر الوساطة ايضا في كتاب معلمة المغرب مادة البدالي للدكتور احمد الوارث. و ابرازا لحرمة ضريح هذا الولي الشريف و تقدير الملوك له فقد التجا اليه السلطان عبد الحفيظ العلوي مستجيرا خلال صراعه مع أخيه السلطان عبد العزيز العلوي و قد احترم الأخير حرمة الضريح،و ختما نتمنى ان تكون هذه النبذة كافية شافية، حول الجد الجامع لهذه الأسرة.