بسم الله الرحمن الرحيم
أ-نسبها:
قبيلة أولاد نهار هي إحدى القبائل التي تنحدر في نسبها من الإمام إدريس :
زيد نهار بن محمد بن أبي العطاء بن أبي زيان بن مالك بن عبد الملك بن محمد العسكري بن بن عيسى الرضى بن موسى المرتضى بن عبد الله بن أبي جعفر الصادق بن محمد الناطق بن علي زين العابدين بن عبد الله بن حمزة بن ادريس الأزهر بن ادريس الأكبر بنعبد الله الكامل بن الحسن المتنى بن الخسن السبط بن فاطمة الزهراء بنت محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفي هذا الشأن قال عبد القادر الفاطمي في تاريخه كتاب الأصول {{ نبين الأشراف ولا نذكر ذريتهم لأنه إذا ظهر الأصل فالفرع تابع }} وقال أيضا : {{ و أنه يفهم من كتابنا هذا أن جميع من نذكره فيه فهو شريف ولا نذكر سوى من هو مشهور عندهم بالشرف}} وفيما يتعلق بسيدي يحي جد أولاد نهار الحاليين قال :{{و من أخيار الأشراف الولي الصالح والشيخ الناصح سيدي يحي بن عبد الرحمن المكنى بابن صفية , وهو جد أشراف أولاد نهار. }} وسنتتبع في هذه الدراسة الإنجاز شديد الأصول التاريخية لقبيلة أولاد نهار بدءا من سقوط دولة الأدارسة التي أسسها إدريس الأكبر , والتي تعود إليه هذه القبيلة في نسبها .
- بعد سقوط فاس سنة 935م على يد موسى بن أبي العافية وتعرض الأدارسة
- إلى اضطهاد والتقتيل والمطاردة , هاجرت أسرة تنحدر من سلالة إدريس بن إدريس بن عبد الله الكامل ( المحض) , من المغرب الأقصى متجهة نحو الشرق لتستقر في جبل راشد بجبال العمور بالأطلس الصحراوي , حيث استقبلت بحفاوة من قبل السكان الأمازيغ الذين كانوا يكنون المنطقة , وكان ذلك حوالي 980م وعملت هذه الأسرة على تعميم وترسيخ التعاليم الإسلامية
في أوساط سكان هذه المنطقة المرتفعة والمتميزة بالهول العليا والأودية الواسعة والمراعي المنحدرة وقد أصبحت هذه الأسرة الإدريسية في مأمن من المطاردة والمتابعة فأقامت بها وكونت شيئا فشيئا تجمعا سكانيا , وقامت بعد ذلك بعقد تحالف مع العمور. وبعد قرون من ذلك برز رجل صالح ينحدر من هذه الأسرة الإدريسية التي استقرت بجبال العمور , يسمى محمد بن أبي العطاء وذلك خلال أواخر القرن13م وأوائل القرن 14م , ويقول في شأنه أحمد بن محمد العشماوي {{ أما سيدي محمد بن أبي العطاء…. صاحب جبل العمور المعروف بعين الفضة , كان رضي الله عنه في كل ليلة يقوم بسلكة , وكل ما عنده من مال وهبه لبيت الله الحرام , وله عشر حجات }} ويذكر أيضا أن محمد بن أبي العطاء خلف ثلاثة أولاد وهم :
- عيسى: انتقل إلى مدينة وجدة في عهد حكم أبي الحسن المريني خلال النصف الأول من القرن 14م أي الفترة ما بين 1331 و 1348م
- علي : انتقل إلى عين أذميرة بضواحي رشيدة وذريته هناك .
- زيد : (نهار) واستقر بضواحي جبل العمور , وهو الجد الأعلى لقبائل أولاد نهار , وأنجب ستة أولاد وهم :عبد الله , ومحمد , وأحمد , ويعقوب , ويوسف وعبد الرحمن , وذريتهم هي التي يطلق عليها اسم أولاد نهار الذين تفرقوا في العديد من البلدان لا سيما في الجزائر والساقية الحمراء و الصحراء المغربية والمغرب الأقصى , والشام . أما القبيلة التي تحظى بهذه الدراسة المتواضعة فهي تلك التي تنحدر من ذرية الأخوة سيدي يحي , وسيدي أحمد , وسيدي موسى , أبناء سيدي عبد الرحمن بن موسى المكنون بأبناء صفية , وتختلط معها بطون ذات أصول عربية وأمازيغية من ذرية الوافدين على الولي سيدي يحي. أخذت هذه القبيلة تتكون منذ أواخر القرن 16م وهي لا تشكل سوى فرعا صغيرا جدا من أولاد نهار . لا شك أن هذا التسلسل التاريخي لقبيلة أولاد نهار سمح لنا بإدراك الملامح الأساسية العامة للقبيلة , وسمح لنا أيضا بالتعرف على نسبها الذي ينحدر من سلالة الأدارسة كما ذكرنا , ومن الوقوف عند أهم الشخصيات في تاريخ هذه القبيلة بدءا من علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم وجهه وفاطمة الزهراء رضي الله عنها , وانتهاء بالولي سيدي يحي بن صفية , الذي يحظى عند أولاد نهار الحاليين بموسم تكريمي في فصل الخريف من كل سنة , وقد قدمنا نبذا مختصرة حول حياة هذه الشخصيات ف صلة هذه الدراسة , أو في هوامش السلسلة النسب الملحقة بها.
ب-سبب تسميتها:
ترجع تسمية القبيلة بأولاد نهار إلى حادثة وقعت لمحمد بن أبى العطاء ذكرتها بعض المؤلفات بنوع من التفصيل لعل أهمها ما وجدناه مرويا في أربعة كتب وبعض التقاييد التي تمكنا من الاطلاع عليها , والتي اتفقت جميعا حول رواية واحدة في سرد وقائعها وتعليلها لسبب التسمية , وما جاء فيها أن محمد بن أبي العطاء كان عائدا من حجة بيت الله الحرام , فسمع بخبره , واصل بن الزمري (ونزمار) السويدي وهو أحد قطاع الطرق الكبار بمنطقة السهوب , وهذه الشخصية يقول جاك بيرك{jacques berque } (( واصل بن الزمري السويدي قائد بدوي من قبيلة سويد التي عرفت خلال القرن 14م بفضل ابن خلدون والتي كانت تتنقل بين جبال الظهرة شمالا , والصحراء جنوبا إذا كانت تسيطر على هذه المنطقة من الجزائر حيث كانت تعتمد عليها دول ذلك العصر {تلمسان , فاس ,تونس} لترجيح الكفة لصالحها)) . وكان واصل بن الزمري السويدي يقود عصابة تتكون من ألف فارس فأغار على بعض أملاك محمد بن أبي العطاء الذي كان منشغلا بالصيد بعيدا عن الربع {المحلة} , ولما رجع لم يجد في محلته سوى الرعاة الذين أخبروه بما حدث, فتتبع آثار قطاع الطرق إلى أن التحق بهم فأنطلق نحو واصل بن الزمري وهو ينشد :
هولي شوق أحبابي كاتم السر قنوط
مكنوالي درعي والسيف المسقوط
فنشبت بينهما معركة حامية الوطيس في واد كان يسمى بوادي اللوز يقع شرق مدينة تيارت , انتصر فيها محمد بن أبي العطاء على خصمه فقتله وصار ينشد :
زرت قبر النبي عدنان في طريق مولاي سبحانه
بجاهه أنقذني سلطاني فلساني فصيح في رضاه
بسيفي قسمت واصل الكافر وصار في جهنم يا ويلاه فأصبح وادي اللوز منذ ذلك اليوم يسمى بوادي نهار واصل , ويطلق عليه أحيانا خطأ نهر واصل ,وهو رافد معروف من روافد وادي الشلف , وفي ذلك اليوم < <أي يوم نهار واصل>> ولد لمحمد بن أبي العطاء ولد سماه زيد , وأطلق عليه لقب نهار نتيجة انتصار أبيه على عدوه في واقعة يوم نهار واصل , فأصبحت ذريته تحمل اسم أولاد نهار وصاروا لا يعرفون إلا بها .