بناء الجغبوب العربية الاسلامية الجديدة

[الشريف المستغانمي]

انها من الهامات الاولياء الصالحين الشيخ محمد بن علي السنوسي المستغانمي حول بناء المدينة الاسلامية الجغبوب من خلال هذا المقال العجيب ومنه اطلب من جميع المسلمين اعداد العدة لبناء مدينة الجغبوب الاسلامية .





كيف ولماذا اختار وأسس الامام (السنوسي الكبير) زاوية الجغبوب ؟ ... الجزء (2)
يقول عالم الاجتماع البريطاني الشهير ومؤسس علم الانثربولوجيا السكانية (ايفانز بريتشارد في كتابه (سنوسيو برقة) مايلي : استقر السيد محمد بن على السنوسي في برقة وهدفه الوحيد إحياء الإيمان ورفع ثقافة البدو الكافرين تقريباً والأميين تماماً ... ويقول : شاهدت الرسالة التي بعثها السيد محمد بن على السنوسي الخطابي الحسنى الإدريسي سنة 1855 إلى أبنائه الفضلاء ، وهم نفر من شيوخ عشيرة (السديدي) من قبيلة (العواقير) ، بخصوص بناء زاوية «مسوس Musus» . وهو يقول فيها : أنه يبعث إليهم «إخواناً» ليعمروا البناء ، وأنه قد أمرهم أن يبنوا ملحقاً يستطيع استخدامه كمستراح له حين يزور الزاوية ، شريطة أن لا يتم ذلك إلا بعد الفراغ من بناء الزاوية نفسها . وأنه سيكون هناك بناؤون ونجارون بين الإخوان ، وكل ما يلزم من شيوخ القبيلة هو انتقاء الموقع والإشراف على العمل , وهو يبين لهم أن العمل إنما هو لصالحهم ، وخدمة لهم ما داموا هم وأبناءهم سيتلقون في الزاوية العلم ، وعلوم القرآن والشريعة على الخصوص ، كما أنهم سيقيمون صلواتهم في مسجدها . ومن بعد هذا يورد السنوسي الكبير فقرات من القرآن والحديث تُثني على أفعال الخير والحسنات . وأخيراً يدعو الله أن يساعد أولئك المشتركين في البناء وأولئك الذين تعهدوا بدوام المحافظة على الزاوية . وليعن الله من يعين أخاه ، والمرء يحصد ما زرع) - انتهى كلام بريتشارد -.
وقبل أن نعود لسرد قصة اختياره وبناءه لزاوية الجغبوب فاننا نعود بالزمن الى الوراء قليلا الى الوقت الذي كان السنوسي الكبير يبني فيه زاوية البيضاء بمساعدة أهل الجبل الاخضر وعلى رأسهم الشيخ بوبكر بوحدوث , فحين أتم الشيخ بناء هذه الزاوية وأعجب بناؤها من حضر ومن رأه - (وهي الى الان قائمة بذلك البناء البديع) وكان هذا البناء أول مسجد يبنى ما بين درنة وبنغازي , بل أول بناء في الجبل الاخضر خلا قصر الحاكم التركي في القيقب - قال السنوسي لمن حضر : أأعجبتكم ؟ , قالوا : بلى وكيف لا ؟ , قال : سيأتيكم وقت ترون فيه النصارى يربطون بغالهم فيها .
وبالفعل جاء الايطاليون وجعلوا من رباط الطلبة في تلك الزاوية مربطا للبغال وجعلوا من مسجدها مخزنا للتبن .
ان المتتبع لسيرة وجهود الشيخ السنوسي سيتيقن أنه يجهز لشئ ما , وسيجد في تصريحاته وتلميحاته وارشاداته دائما ما يحذر وينذر من الغزو الاوروبي المسيحي للبلاد الاسلامية , كقوله : ان جاءكم النابلتان (أي الطليان - نسبة لنابولي) ماذا أعددتم لهم ؟ , فقال أحد الحاضرين : اعددت لهم هذا , وكان يشير الى جرابا من البارود في يده , فرد الشيخ ابن السنوسي قائلا : هذا لا يكفي واردف : وان أعطوكم اللويزات ؟ (جمع لوزة كناية عن الاموال) , قالوا : نأخذ لويزاتهم ونحاربهم , فقال : هيهات , اللي يأخذ اللويزات ما يحارب .(وهذا الموضوع المهم سنتناوله في موضوع خاص ان شاء الله ) وعود الى ذي بدء نقول :
لما وصلت بعثة عمران بن بركة وعقيلة الزوي الى ذلك الوادي الموحش وعرفوا علاماته التي اخبرهم بها السنوسي الكبير , ارسلوا من هناك مرسولا الى العزيات ليخبر شيخهم بذلك فما كان من الشيخ الا أن جهز قافلة فيها من الطلبة والاخوان وتضم بنائين جاءو من مدينة درنة ومواد للعمل والبناء , ورسم بيده خريطة توضح نواة البناء المزمع تشييده هناك وأرسل رسالة الى تلميذه عمران بن بركة يبارك لهم فيها جهودهم ويوضح لهم كيفية الشروع في الاعمال (وهذا دأبه في جميع رسائله) , ويقول لهم أنه سيلحق بهم قريبا .
ونختصر فنقول : وبالفعل لحق الشيخ باخوانه وتلاميذه في الجغبوب بعد فترة وجيزة , ففرحوا بمقدمه أيما فرح , وتحلقوا حوله مسرورين به متسائلين , فقال أحدهم : يا سيدي , سمعنا وأطعنا , ان الأرض هنا مقفرة ولا أناس فيها والجو شديد الحرارة والارض سبخة , والمياه مرة , والبرغش والناموس فيا كثير , فكيف نترك تلك البقعة التي وجدناها حيث الكهوف جاهزة والماء عذب ونأتي الى هنا ؟ , فرد الشيخ قائلا : هل الجربوع له عقل ؟ , قالوا : لا , قال : ولماذل يصنع في جحره فتحتان احداهما ظاهرة والاخرى مخفية ؟ , قالوا : حتى اذا دخل الثعبان من الاولي هرب من الأخرى , فقال : هل العقاب له عقل ؟ , قالوا : لا , قال ولماذا يضع عشه في الأعالي والوعر ؟ , قالوا خشية على أفراخه , قال : كذلك الجغبوب سيجدها المسلمون اخر الزمان أحسن محل حين يرفع الحنش الأسود رأسه من ها هنا وأشار بيده الى جهة البحر , ثم أردف قائلا : هذا المكان وددتكم به مودة ,
وان لم تبنوه انتم سيأتي غيركم ويبنيه .
في الجزء المقبل سنعرف مالذي تعنيه عبارة (الحنش الاسود)