الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه المخلصين الأوفياء
-
سيدي علي بن مناد رضي الله عنه
الحمد لله الذي أسبغ علينا جلابيب النعم وأرشدنا إلي طاعته وعرفنا بخيرة عباده الصالحين المرشدين الذين حازوا قصـب السبق سـيادة الدنيا والآخرة ‘‘الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون'' وبعد : هذه كلمة موجزة عن شيخنا وقدوتنا وولي نعمتنا سيدي الحاج علي بن مناد عليه رحمة الله ورضوانه.
- هو شيخنا الهمام العارف بالله الصالح المصلح الناصح المرشد سيدي الحاج علي رضي الله عنه إبن مناد بن البار بن يحي بن البار بن
لغريبي بن الولي المشهور سيدي عطاء الله بن العابد قدس الله سره ونفعنا ببركته، دفين قرية تاجموت التابعة لولاية الأغواط بالجنوب
الجزائري.
تنحدر هذه السُلالة الطاهرة من جده المعروف دفين مدينة فاس بالمغرب الأقصى مولانا إدريس الأزهر إبن مولانا إدريس الأكبر بن
سيدنا عبد الله الكامل بن سيدنا الحسن المثنى بن سيدنا ومولانا الحسن السبط رضي الله عنهم إبن سيدنا و مولانا علي إبن أبي طالب كرم الله وجهه، ومولاتنا فاطمة الزهراء عليهم السلام و الرحمة و الرضوان ابنة سيدنا ومولانا رسول الله محمد بن عبد الله عليه أزكى الصلاة وأوفى السلام.
- ولد شيخنا قدس الله سره سنة 1885 م. كما ثبت ذالك في بطاقة تعريفه الشخصية بربض قرية تاجموت المحروسة، ثم انتقل بعدها إلى مدينة الأغواط كان رضي الله عنه طويل القامة شديد بياض البشرة المائلة إلى الحمرة، واسع العينين، جوهري الصوت، تزينه عمامة ناصعة البياض كما كان غالب لباسه المحبب عنده البياض اقتداء بسنة سيدنا محمـد صلى الله عليه وسلم. يعتمد غالبا على عكاز من الخيزران.
كان من الذين عاصروا الشيخ سيدي محمد بن الحبيب الأمغاري الإدريسي الفاسي ثم المكناسي شيخ الطريقة الحبيبية الشاذلية، والذي حباه بما يطول ذكره في هذه العجالة. فتألق نجمه في سماء الطرقة الحبيبية الشاذلية في مدينة الأغواط وغيرها. قيض الله له مريدين محبوبين من أبناء مدينة الأغواط وغيرها فأنار لهم المحجة وجاهد في سبيل إحياء ونشر الطريقة الحبيبية في الأغواط وبصر القلوب ووجه العقول وربى النفوس وغرس في الأعماق معاني سمو الطريقة قولا وعملا كما غرس حب الله ورسوله في نفوس أتباعه وسار على هذا الدرب حتى وافته المنية ليلة الجمعة (29) التاسع و العشرين من جمادي الثانية سنة
1410هـ الموافق (26) لستة وعشرين من يناير سنة 1990م عن عمر يفوق المائة سنة ودفن بقرية تاجموت بعد ظهر يوم الجمعة رحمة الله عليه وجزاه الله عنا خير الجزاء وجعل الجنة مأواه بقدر ما قدم للفقراء و الطريقة . آمين .
كان قدس الله سره ذو خلق محمدي ، نير القلب واسع الحلم كثير الصبر بـارا بقرابته واصلا إياهم في كل وقت، يشفق على اليتيم وذي الحاجة قَرُبَ أو بعُدَ ، وكيف لا يكون كذلك وهو من عُرِف بالصلاح والتقوى ومجالسة العلماء والفقهاء والصُلحاء أمثال شيخه سيدي محمد بن الحبيب الذي كان من أكابر المحدثين ومن أوحد المفسرين جمع بين علوم الشريعة والحقيقة رضي الله عنه وأرضاه ، وما تركه من أثر يكفي ليدل على علو مقامه وسعة علمه ورسوخ قدمه وهو ديوانه المسمى‘‘ بغية المريدين السائرين وتحفة السالكين العارفين’’، جمع فيه خلاصة ما وصل إليه علم التصوف. ولشدة تعلقه بأهل الله وخاصة شيخه نال منهم حظا وافرا من
العلم والمعرفة . زرته مرة في حياته فأخبرني رضي الله عنه بأن إبنه سيدي أحمد طلب منه بأن يخرج ليُرَوِّح عن نفسه مع شيوخ الحي فقال رضي الله عنه بعدما عرف مجالسهم و ما يدور فيها : ‘‘ الضفدعة لما وضعت في اللبن قالت ليس هذا الماء الذي يطيب لي فيه النقيق. ’’فَهِمت منه رضي الله عنه ليست هذه المجالس التي يرغب فيها وينهل منها وتطمئن لها نفسه الكريمة. كان رحمة الله عليه يفضل دائما النظر في كتاب الله والسيرة النبوية، ومطالعة كتب التصوف يجعلهاخير أنيس في الخلوة والجلوة، أما عن الأخبار الماضية والتاريخية فكان يحفظ منها الكثير وذلك لما يتمتع به من ذاكرة قوية رغم كبر سنه. لو استطردنا جميع محاسنه لما كانت هذه المقدمة البسيطة كافية .وقد أخبرني عن نفسه يوما فقال كنت ملتزما بالورد القادري في أول الأمر ثم أخذت الإذن في الورد الحبيبي
الشاذلي عن شيخنا سيدي محمد بن الحبيب الأمغاري قدس الله سره. وكان الواسطة في ذلك أخي في الله العارف بالله الصالح الورع الشيخ الزاهد سيدي الحاج عيسى رحمه الله ورضي عنه والذي ينتمي إلى الولي المشهور الصالح صاحب الضريح المعروف بمدينة الأغواط سيدي الحاج عيـسى قدس الله سـره.
أما عن مذاكرته رضي الله عنه كان يستعمل أسلوب القصة والإيحاء, عنده الإشارة تكفي عن العبارة أحيانا. يوصي دائما بملازمة التقوى ومراقبة الله عز وجل في السر والعلانية، كما كان يوصي بملازمة الجماعة ويحب كما يحث على التذكر بالآخرة وسماع قصائد شيخه سيدي محمد بن الحبيب رضي الله عنهما، ويحفظ منها الكثير ويهتز طربا لها كما كان يحسن الفهم عنه ويوصي بديوانه، كما كان يحب السفر و ملاقاة الإخوان في الله والشوق إليهم في جميع البلدان.
هذا قليل من كثير مما يقال عن شيخنا رضي الله عنه المليئة بالمفاخر والعِبر والدروس النافعة نفعنا الله ببركاته وأفاض علينا من أنواره وأسراره.
كما نسأله سبحانه وتعالى أن يمطر عليه سحائب مغفرته ورضوانه ويقدس روحه في أعلى عليين مع المنعَم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
- للامانة منقول من صفحة فيسبوك الطريقة الحبيبية الشاذلية بالجزائر الاغواط