ولد بقرية الخماملة حوالي سنة 1867 في أسرة عرفت بالعلم والصلاح وتسلسل القضاة في رجالاتها فأبوه هو القاضي العالم سيدي محمد الطالب العربي قاضي قضاة الخلط والطليق وبداوة وجبل الحبيب وبني كرفط وسائر أولاد عمران من سهل الغرب.
ختم القرآن مبكرا ثم وجه عنايته لحفظ المتون كألفية مالك ومتن إبن عاشروالعاصمية والأجرومية وغيرها كما درس الفقه والتفسيرعلى يد أشهرعلماء العصر بمدينته فأخذ عنهم ماتيسرمنها قبل أن يلتحق بجامعة القرويين بفاس ،فإلتحق بعد ذلك بمدينة أصيلا قاضيا عليها وعلى أحوازها في نهاية عهد السلطان المولى الحسن الأول.
محنة القاضي سيدي مبارك الخمالي:
يروي سيدي أبي الفضل محمد المثنى بن عبد القادربن العربي الطالب الخمالي شيخ الخماملة وإمامهم أنه:
كان بين الخماملة وبني خلخال منافسة شديدة في العلم والجاه وصراع على الحدود الأرضية بين القبيلتين المتجاورتين ،وكان أن تصادف أن يحكم القائد الخلخالي على مدينة أصيلة فلم يستسغ تعيين سيدي مبارك قاضيا بها فبدأ يكيد له ويشي به لدى السلطان سرا لكن دونما فائدة حتى تصادف أن توفي المولى الحسن الأول فقام الوزيرالقوي أنذاك أبي أحمد بن موسى بأخذ البيعة للمولى عبد العزيز وتنحية الأميرمولاي أمحمد ،ثم بدأ حملة لإجبارالمغاربة على بيعته فلما بلغ الأمر إلى قائد أصيلة إستغل الوضع للمكيدة والوقيعة بين السلطان الجديد والقاضي سيدي مبارك فإستدعاه إلى مقر إقامته ليبلغه بموعد السفرإلى فاس لتقديم البيعة للسلطان فوافق القاضي على ذلك لكنه فوجئ بالقائد وهو يعفيه من السفر بحجة أن القاضي ليس له أن يترك مجلس القضاء خاليا لشهور خاصة وأن الرحلة ستطول وكذلك المقام بفاس إلى حين مقابلة السلطان على أنه سيقوم بتقديم البيعة نيابة عنه ،تفطن القاضي للمكيدة فطلب من القائد أن يكتب صك الإعفاء من السفر بيده حتى تكون له حجة في حالة ما إذا إستفسره السلطان عن غيابه، ففعل القائد ما طلبه سيدي مبارك الذي أخذ ذلك الصك فخاطه في جلبابه حتى يطمئن على عدم ضياعه.
قدم وفد أصيلة على السلطان مولاي عبد العزيز فإستفسرهم عن غياب القاضي إبن الطالب فأجاب القائد الخلخالي بأنه يرفض البيعة وأنه يتمرد على السلطان، فإستشاط المولى عبد العزيزغضبا وأمر بالقبض عليه ومصادرة أملاكه فأرسلت كتيبة مخزنية إلى مدينة أصيلا للقبض على القاضي والزج به في سجن مدينة الجديدة وكتيبة أخرى إلى الخماملة قصد التحفظ على أموالهم ونزع أملاكهم وترويعهم .
لكن القاضي لم يلبث في السجن غير مدة قصيرة حيث يسرالله له مراسلة الصدر الأعظم أبى أحمد بن موسى فشرح له المكيدة التى دبرها القائد الخلخالي للوقيعة بينه وبين السلطان وأظهرله الصك المكتوب بيد القائد يعفيه بموجبه من السفر إلى فاس لتقديم البيعة ، فأطلق سراحه وعين قاضيا بمدينة شفشاون إلى أن وافته المنية سنة 1945 فيما تم عزل القائد الخلخالي وسجنه.[/b][/size]