بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وآله
من المواضيع المهمة والمبهمة في الوقت ذاته ، موضوع علم النسب ، فرغم أهميته التي أكد عليها القرآن بنصه أو عن لسان رسول الله أو آل بيته الأطهار ، إلا إن الإشكالات والمآخذ المتشعبة التي يتعرض إليها من يخوض غمار هذا العلم ، سائلا كان أم طالبا، عالما أو متعلما، صادقا أم مدعيا، تدعونا إلى مراجعة أسس تطبيقات هذا العلم على ارض الواقع ، لمعالجة تلك الإشكالات .
ولسنا هنا بصدد ماهية علم النسب أو أهميته، فقد كتب في ذلك عباقرة هذا الفن الشريف ما يجعلنا نخجل من محاولة تقليدهم من إتقان وجمع ومنع وإجمال، بل مناقشه منهجية دراسة هذا العلم.
قد لا يختلف اثنان في فضل المنهجية والتنظيم على أي مجال في بناء أسس قوية لا تسمح بأي ثغرات أن تخترق هذا البناء ، وقد تكون أهمية المنهجية في الدراسة والبحث هي العمود وجسم البناء في الوقت ذاته ، فالقوى المؤثرة على بناء البحث والمضادة له ليست معلومة بأي اتجاه تأتي أو بأي كم تؤثر.
فمقياس تأهيل الشخص للخوض في البحث لا تشفع له المصادر مهما كثر عددها، ما لم ينتهل منها بشكل صحيح منطقي، ليورد المعلومة المطلوبة في مكان احتياج البحث إليها، لا أن يفتح سيل المعلومات والروايات دون ترابط؛ عشوائيا ، وقد تكون الكلمة (العشوائية) هي الضد المناسب لكلمة (المنهجية).
ولكي لا أطيل في موضوع ليس محورنا ، فمحورنا هو عن منهجية دراسة الأنساب ، وأخص منها بالذكر انساب آل البيت الأطهار صلوات الله عليهم وعلى أجدادهم لما في ذلك من خطر جسيم من الداخلين إلى هذا النسب دون حق أو حجة أو بينة شرعية أو وثيقة ، وما لذلك من لعنة عليهم وعلى من يعاونهم في الدخول إلى حرم بيت الزهراء صلوات الله عليها وهو ليس لها بمحرم !.
معلوم ما للدراسة والتدريب من تأثير على منطق الباحث وعلى أسس أفكاره فمن غير الممكن أن يخرج الطبيب إلى مضمار عمله دون فترة تدريب طولها يطيل من سني خبرته ، وقصرها يزيد من إرباكه ووقوعه في الخطأ ، كذا هو حال علم الأنساب ، فمسألة التقاط بعض المعلومات والأخبار عشوائيا وسردها في أي محفل دون منهجيه ، هو بلا شك دليل على قلة خبرة ساردها ، ولا يأمنن صاحبها أن يُسأل عن معلومة بسيطة لم يسعفه الحظ بمعرفتها رغم أنها قد تكون من أبجديات علم النسب، كأن يُسأل عن أول من أفرد النسب بالتدوين؟ ؛ فيحار جواباً ولا يجد منفذا من هكذا سؤال أولي !.
ومن خلال تتبعي البسيط لبعض أيام مسيرة المرحوم الوالد السيد حسين النسابة الغريفي، علمت أن المنهجية في البحث قد تعريها منهجية الدراسة ، فقواعد بسيطة قد تفند ادعاء عظيما لأسرة أو بيت من البيوتات دون أن يحسبوا لها حسابا، وشواهدنا كثيرة لايسعها مجرى المقالة.
ومن هذا فقد التمست الوالد أن يريني بعض المناهج وطريقة دراستها وسبل إتمامها على سبيل المعرفة ومحاولة الإلمام ، وهي محاولة شبه مستحيلة ، فالمنهج الذي على طالب علم النسب أن يسلكه* هو ليس - كما يظن بعض الأخوة – قراءة كتب الأنساب المطبوعة والموجودة في المكتبات أو قراءة كل ما يتعلق بالنسب وكل ما يقع في اليد منها فحسب، بل عليه دراسة العلوم المرتبطة بهذا العلم وهي فروع كثيرة لايحتمل أن تؤخذ منها رؤوس أقلام أو تمرر مرور الكرام، وإنما أن تُقرأ وتهضم بشكل علمي وعملي، على قدر ارتباط تلك العلوم بعلم الأنساب.