حرمة الانتساب إلى ءال البيت بالباطل
أخرج البخاري وغيره [1] من حديث أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ومن ادعى قومًا ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار"، وروى البخاري أيضًا [2] من حديث وائلة بن الأسقع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن من أعظم الفِرى [3] أن يدعي الرجل إلى غير أبيه"، وروى ابن حبان وغيره [4] من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من انتسب إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين"، وإلى غير ذلك من الأحاديث.
قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري [5]: "وفي الحديث تحريم الانتفاء من النسب المعروف والادعاء إلى غيره، وقيد في الحديث بالعلم ولا بد منه في الحالتين إثباتًا ونفيًا".
قال الحافظ السخاوي في الأجوبة المرضية [6]: "وروى أبو مصعب عن مالك بن أنس رحمه الله قال: "من انتسب إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم –يعني بالباطل- يضرب ضربًا وجيعًا ويشهر ويحبس طويلاً حتى تظهر توبته.
قلت: ورحم الله مالكًا كيف لو أدرك من يتسارع إلى ثبوت ما يغلب على الظن التوقف في صحته من ذلك بدون تثبت غير ملاحظ ما يترتب عليه من الأحكام غافلاً عن هذا الوعيد الذي كان معينًا على الوقوع فيه إما بثبوته أو بالإعار فيه طمعًا في الشيء التافه الحقير قائلاً: "الناس مؤتمنون على أنسابهم" [7] وهذا لعمري توسع غير مرضي، ومن هنا توقف كثير ممن أدركناه من قضاة العدل عن التعرض لذلك ثبوتًا ونفيًا للرهبة مما قدمته"، انتهى كلام الحافظ السخاوي.
الهوامش:
--------------------
[1] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب المناقب: باب 6، ومسلم في صحيحه: كتاب الإيمان: باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم، وأحمد في مسنده 4/106.
[2] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب المناقب: باب 6، ومسلم في صحيحه: كتاب الإيمان: باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم، وأحمد في مسنده 5/166.
[3] أخرجه ابن حبان في صحيحه انظر الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 1/324، وأحمد في مسنده 1/318، والطبراني في المعجم الأوسط 1/177.
[4] بكسر الفاء مقصور وممدود وهو جمع فرية، والفرية الكذب والبهت، فتح الباري 6/422.
[5] فتح الباري 6/321.
[6] الأجوبة المرضية 2/796.
[7] أورده السخاوي في المقاصد الحسنة ص/514 بلفظ: "المؤمن مؤتمن على نسبه" وهو من قول مالك وغيره بلفظ: "الناس مؤتمنون على أنسابهم".