لقد كان الشافعي رضي الله عنه فصيح اللسان بليغا حجة في لغة العرب ونحوهم، إشتغل بالعربية عشرين سنة مع بلاغته وفصاحته، ومع أنه عربي اللسان والدار والعصر وعاش فترة من الزمن في بني هذيل فكان لذلك أثره الواضح على فصاحته وتضلعه في اللغة والأدب والنحو، إضافة إلى دراسته المتواصلة وإطلاعه الواسع حتى أضحى يرجع إليه في اللغة والنحو.
قال أبو عبيد : كان الشافعي ممن تؤخذ عنه اللغة.
وقال أيوب بن سويد : خذوا عن الشافع اللغة.
قال الأصمعي : صححت أشعار الهذليين على شاب من قريش بمكة يقال له محمد بن أدريس.
قال أحمد بن حنبل : كان الشافعي من أفصح الناس، وكان مالك تعجبه قراءته لأنه كان فصيحا.
وقال أحمد بن حنبل : ما مس أحد محبرة ولا قلما إلا وللشافعي في عنقه منة.
حدث أبو نعيم الاستراباذي، سمعت الربيع يقول : لو رأيت الشافعي وحسن بيانه وفصاحته لعجبت منه ولو أنه ألف هذه الكتب على عربيته - التي كان يتكلم بها معنا في المناظرة - لم يقدر على قراءة كتبة لفصاحته وغرائب ألفاظه غير أنه كان في تأليفه يجتهد في أن يوضح للعوام.
من اشعاره:
وعيناك إن أبدت إليك مساؤا
فدعها وقل يا عين للناس أعين
فلا ينطقن منك اللسان بسوءة
فكلك سوءات وللناس ألسـن
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى
ودافع ولكـن بالتي هي أحسن
____________________________
قالو سكت وقد خوصمت قلت لهم
إن الجواب لباب الشر مفــتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرفا
وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة
والكلب يخسى لعمري وهـو نباح
____________________________
أخي لن تنال العلم إلا بستة
سأنبيك عن تفصيلها ببـيان
ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة
وصحبة أستاذ وطول زمان
______________________________
تموت الأسد في الغابات جوعا
ولحم الضأن تأكله الكلاب
وعبد قد ينام على حرير
وذو نسب مفارشه التراب
_______________________________
هو
محمد بن إدريس الشافعيّ( 150 هـ/766 م - 204 هـ/820 م). مجدد الإسلام في القرن الثاني الهجري كما نص علي ذلك الإمام أحمد بن حنبل وهو أيضا أحد أئمّة أهل السنّة وهو صاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلاميّ. يُعَدّ الشافعيّ مؤسّس علم أصول الفقه، وهو أول من وضع كتابا لإصول الفقه سماه الرسالة.
__________________________________________________ ____
اسمه ومولده وكنيته
هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن عباس بن عثمان بن شافع بن سائد بن عبد الله بن عبد يزيد بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
القرشي المطّلبي الشافعي الحجازي المكّي يلتقي في نسبه مع رسول الله
في عبد مناف بن قصي ويؤكد الباحث جمال الدين فالح الكيلاني أن نسب الإمام الشافعي من أصح الأنساب حيث قام الباحث بدراسة تحليلية لنسبه الشريف ونشرت في مجلة فكر حر البغدادية.
ولد في سنة مائة وخمسين وهي السنة التي توفّي فيها أبو حنيفة.
وُلِد بغزّة، وقيل في عسقلان, ثم أُخِذ إلى مكةوهو ابن سنتين.
سيرته
نشأ يتيمًا في حجر أمّه في قلّة من العيش، وضيق حال، وكان في صباه يجالس العلماء، ويكتب ما يفيده في العلوم ونحوها، حتى ملأ منها خبايا، وقد كان الشافعي في ابتداء أمره يطلب الشعر وأيام العرب والأدب، ثم اتّجه نحو تعلّم الفقه فقصد مجالسة الزنجي مسلم بن خالد الذي كان مفتي مكة.
ثم رحل الشافعي من مكّة إلى المدينة قاصدًا الأخذ عن أبي عبد الله مالك بن أنس، ولمّا قدم عليه قرأ عليه الموطّأ حفظًا، فأعجبته قراءته ولازمه، وكان للشافعيّ حين أتى مالكًا ثلاث عشرة سنة ثم نزل باليمن.
واشتهر من حسن سيرته، وحمله الناس على السنة، والطرائق الجميلة أشياء كثيرة معروفة. ثم ترك ذلك وأخذ في الاشتغال بالعلوم، ورحل إلى العراق وناظر محمد بن الحسن وغيرَه؛ ونشر علم الحديث ومذهب أهله، ونصر السنة وشاع ذكره وفضله وطلب منه عبد الرحمن بن مهدي إمام أهل الحديث في عصره أن يصنّف كتابًا في أصول الفقه فصنّف كتاب الرسالة، وهو أول كتاب صنف في أصول الفقه، وكان عبد الرحمن ويحيى بن سعيد القطّان يعجبان به، وقيل أنّ القطّان وأحمد بن حنبل كانا يدعوان للشافعيّ في صلاتهما.
وصنف في العراق كتابه القديم ويسمى كتاب الحجة، ويرويه عنه أربعة من جلّ أصحابه، وهم أحمد بن حنبل، أبو ثور، الزعفراني والكرابيسي.
ثم خرج إلى مصر سنة تسع وتسعين ومائة -وقيل سنة مائتين- وحينما خرج من العراق قاصدا مصر قالو له اتذهب مصر وتتركنا فقال لهم [هناك الممات ]-وحينما دخل مصر وأشتغل في طلب العلم وتدريسه، فوجئ بكتاب اسمه الكشكول لعبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما وقرأ فيه العديد من الأحاديث النبوية التي رواها عبد الله ودونها وبناءا عليه غير الشافعى الكثير من أحكامه الفقهية وفتاواه لما أكتشفه في هذا الكتاب من أحكام قطعت الشك باليقين أو غيرت وجهة أحكامه، حتى انه حينما يسأل شخص عن حكم أو فتوى للإمام الشافعى يقال له هل تسأل عن الشافعى القديم (أي مذهبه حينما كان في العراق)أم مذهب الشافعى الحديث (أي الذى كان بمصر)، كماصنّف كتبه الجديدة كلها بمصر، وسار ذكره في البلدان، وقصده الناس من الشام والعراق واليمن وسائر النواحي لأخذ العلم عنه وسماع كتبه الجديدة وأخذها عنه. وساد أهل مصر وغيرهم وابتكر كتبًا لم يسبق إليها منها أصول الفقه، ومنها كتاب القسامة، وكتاب الجزية، وقتال أهل البغي وغيرها.
وفاته
تُوفّي بمصر سنة أربع ومائتين وهو ابن أربع وخمسين سنة.
قال تلميذه الربيع : توفّي الشافعي ليلة الجمعة بعد المغرب وأنا عنده، ودفن بعد العصر يوم الجمعة آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين، وقبره بمصر.
___________________________________________
رحمك الله وارضاك يالشافعي