ايهاالاخوة
شهدت المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم ولادة الحسن والحسين سبطي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وريحانتيه ، فتنعما بحب جدهما النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحب المسلمين كافة ، وبعد موت جدهما النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبيهما علي ـ رضي الله عنه ـ اختلفت بعض القلوب عليهما وعلى أبنائهما وأحفادهم .
وعلى إثر الخلافات التي حدثت بينهم وبين أبناء عمومتهم الخلفاء الأمويين والعباسيين ، نزحت ذرية الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب من المدينة النبوية إلى المناطق المحيطة بها ومنها الى سائر البلدان . وبقي جُل الأشراف الحسينيين في المدينة النبوية ، ومع مرور مئات السنين أصبحوا قبائل في المدينة النبوية وما حولها من القرى .
وقد انحصرت ذرية الحسين الشهيد في ابنه علي زين العابدين ولا عقب من سواه باتفاق النسابين، وبقي عقب علي زين العابدين في ثلاثة منهم في المدينة النبوية ، وهم : زيد الشهيد ، ومحمد الباقر ، والحسين الأصغر .
أولاً : عقب زيد الشهيد بن علي زين العابدين بن الحسين السبط:
يعرفون في المدينة بـ ( الزيود ) وهم بنو عيسى مُيَتِّمِ الأشبال بن زيد الشهيد، وكانوا بادية حول المدينة المنورة ([1]) ولم تعلم لهم بقية بعد القرن الحادي عشر الهجري .
ثانياً : عقب محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط: ويتفرعون بالمدينة المنورة منذ القدم الى ثلاثة فروع:
الفرع الأول :
البدور: وهم بنو بدر بن فايد بن علي بن القاسم بن إدريس( جد بني إدريس )([2]) ابن جعفر بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر([3]) وكانوا يسكنون بالمدينة المنورة بجوار المسجد النبوي في القرن الثامن الهجري ([4]) واستمرت سكانهم بها إلى القرن الحادي عشر الهجري ([5]).
الفرع الثاني:
العُرَيضيون : بنو علي العريضي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر([6]) ، وقد سكن جدهم علي العريضي بقرية العريض قرب المدينة المنورة([7]) واستمر عقبه بها([8]) ومنهم الشريف الحسين بن يحيى بن يحيى بن عيسى النقيب بن محمد بن علي العريضي ، الذي تولى نقابة الأشراف بالمدينة ، وكان يسكن فيها في دار جده جعفر الصادق([9]) منهم أحمد المهاجر بن عيسى النقيب الذي ذكر أنه هاجر من المدينة إلى حضرموت وعقبه اليوم يعرف بـ ( آل با علوي )([10]) ومنهم من عاد واستوطن المدينة النبوية ومكة المكرمة وغيرها في العهد الحاضر .
الفرع الثالث :
الخَوَّارِيُّون : بنو جعفر الخَوَّار بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر([11]) . والخوار ، نسبة لوادي بالفرع ([12]) ، وكانت فيهم إمارة وادي الفرع كما تولى منهم البعض نقابة الأشراف بالمدينة قديماً ([13]) ويتفرعون إلى فرعين هما ، الشجرية ، وآل موسى .
فأما الشجرية ، فهم بنو الحسن بن جعفر الخوار ([14]) وعرفوا بالشجرية لكونهم كانوا بادية حول المدينة يرعون الشجر([15]) . وذكر لنا علي بن شدقم المتوفى سنة 1033هـ " أنه دخل فيهم جماعة لا حظ لهم في النسب "([16]) . ولا أعلم لهم بقية ، وأخبارهم منقطعة .
وأما آل موسى : فكانوا يعرفون بـ ( المَوَاسَى )، وهم بنو موسى بن علي ابن حسن بن جعفر الخوار ([17]) ، وكانوا يسكنون بوادي الفرع ([18]) ، ويترددون على المدينة حتى القرن الحادي عشر الهجري([19]) ولا زالت لهم بقية قليلة حتى العهد الحاضر بالمدينة النبوية .
ثالثاً : عقب الحسين الأصغر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط :
وعقبه بالمدينة المنورة في ابنان ، هما : عبد الله العقيقي ، وعبيد الله الأعرج.
فأما عبد الله العقيقي بن الحسين الأصغر : يعرف عقبه بالعقيقيين ، وهم بنو محمد ابن جعفر بن عبد الله بن الحسين الأصغر ، وكان عقبه كثيرا بالمدينة ([20]) .
ومن مشاهير عقبهم بالمدينة النبوية : بنو إسماعيل الملقب بالمنقذ بن جعفر بن عبد الله العقيقي ([21]).
ومنهم بنو ميمون المناقذة : بنو أبي القاسم ميمون نقيب مكة بن أبي جعفر محمد نقيب مكة بن علي بن إسماعيل المنقذي ([22])، وكان أكثرهم بالمدينة النبوية ، والعقيق ([23]) ولم يعد لهم ذكر بها بعد القرن التاسع الهجري ([24]) . وقد دخلوا بعض البلاد الإسلامية([25]) .
وأما عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر فعقبه بالمدينة في طاهر بن يحيى النسابة بن الحسين بن جعفر الحجة بن عبيد الله الأعرج .
وطاهر بن يحيى النسابة : هو جد بني طاهر بالمدينة المنورة ، وكان عالماً نسابة ، توفي بها سنة 313هـ([26]) وكانت إمارة المدينة في عقبه قروناً عديدةً . وأول من تولى منهم ابنه عبد الله بن طاهر([27]) ، وبقي عقب طاهر النسابة في المدينة المنورة في ثلاثة فروع : وهم : الكثرا ، وآل مخيط ، والمهنيين .