
20-08-2010, 07:48 AM
|
|
رد: المباديء العشرة لعلم النسب
[frame="3 98"]
8/10 استمداد علم النسب
هو علم يستمد من تاريخ الناس ، وأخبارهم ، ومن اجتماعهم ، وتناكحهم . ومصادر أخبار الناس كثيرة .
أولها : الكتب المقدسة المنزلة من عند الله وأحاديث الرسل عليهم السلام .
ثانيها : النصوص التاريخية . المدونة في الكتب ، والكتابات الأثرية ، والنقوش الحجرية ، الصكوك العدلية ، الشهادات البينة ، وعند الفقهاء وإن كانت الشهادة سماعية من عدول ، لأن الشهادة بالتسامع لا يُقرَّها الفقهاءُ إلا في النسب ، والموت ، والنكاح .
ثالثها : النصوص الأدبية ، من شعر ونثر .
الحكم الأول : الفرض على العين .
فهو فرضٌ على كل عين ؛ إذا تعلمه الفردُ فإن الإثم يسقط عنه ولا يلحقه تأنيب الشريعة . إذ فرضٌ على كل إنسان أن يعرف قرابته ورحمه الذين يجب عليه أن يَصِلَهُم وَيَبَرَّهُم ؛ وأن يعلم الرابطة التي بينه وبينهم ، فإذن هو فرض عين لأجل الصِّلَةِ وَالموَدَّةِ .
كما يفترض عيناً معرفة نسب النبي صلى الله عليه وآله وسلم على وجه الجملة وإلا كان المسلم مُقَصِّراً ، ولكنه لا يَكْفُر خلافاً لابن حزم الظاهريِّ الذي كفرَّ بناءً على أصول مذهبه ، ومن عرف نسب النبي صلى الله عليه وآله وسلم على وجه التفصيل فهو صاحب فضل .
الحكم الثاني : الفرض على الكفاية . وهو يفترض على الكفاية في الأنساب البعيدة لأجل أن يكون في المجتمع مَن يَذُبُّ عن الأنساب دعاوى الكذَّابين ؛ وخرافاتِ القُصَّاصِ ؛ وأغراضَ الوضَّاعِين ، ويبين عَوَرَهَا ، ويفضح أهلها ، ويكون مُعَلِّماً له ، ناشراً لفضله ، ناصحاً لأهله . فإذا تعلمه من حصلت به الكفاية في تعلمه فإن الإثم يسقط عن المجتمع فلا يلحقه تأنيب الشريعة .
أما علم النسب الآلي فحكمه فرض على الكفاية . ولا يطالب كل أحدٍ بإتقانه والدراية به ، إلا مَن انفرد به أو توحَّد به في زمانه فإنه يتعين فرضاً عليه ، ومتى تعدد أهل الدراية به كان بينهم على الكفاية .
قال ملك بهوبال في أبجد العلوم : والعلوم التي هي فروض كفاية على المشهور: كل علم لا يُستغنى عنه في قوام أمر الدنيا وقانون الشرع ؛ كفهم الكتاب والسنة وحفظهما من التحريفات ، ومعرفة الاعتقاد بإقامة البرهان عليه وإزالة الشبهة ، ومعرفة الأوقات ، والفرائض والأحكام الفرعية ، وحفظ الأبدان ، والأخلاق ، والسياسة ، وكل ما يتوصل به إلى شيء من هذه كعلم اللغة والتصريف والنحو والمعاني والبيان . وكالمنطق ، وتسيير الكواكب ، ومعرفة الأنساب ، والحساب ، إلى غير ذلك من العلوم التي هي وسائل إلى هذه المقاصد . وتفاوت درجاتها في التأكيد بحسب الحاجة إليها .
الحكم الثالث : التحريم . وهو يَحْرُمُ ويكونُ مِن كبائرِ الذنوبِ متى كان قَصْدُ الإنسانِ مِن تَعلُمِه أن يتتبع به المثالبَ والعيوب ، أو لِمُجَرَّدِ التَّعالي واحتقار الناس وغَمْطِهم ، لأنَّه كِبْرٌ ؛ وهو من أعظم الذنوبِ ، وهذه الأخلاق الرذيلة التي تكون في بعض أشباه النسابين تُعَدُ جريمة دينية واجتماعية ، وتكون أغلظ متى قصد به الإضرار بالأقارب ؛ فهو عند الله قطيعة للرَّحم المعظَّمَة .
أما مسائله أي قضاياه التي تطلب نسب محمولاتها إلى موضوعاتها فهي :
1. حفظ الأنساب الصحيحة روايةً ودرايةً .
وحفظها بالرواية يكون :
أ- بِضَبْطِهَا لفظاً ومعنى .
ب- بِتَدْوِيْنِها بأصلح الأسلوبين ، إما البسط وإما التشجير ، أيهما كان له أتقن فإنه يتعين عليه التدوين به .
ت- بِالأخذِ عن الثقاتِ ، والتَّحَمُلِ مِن الأثباتِ .
أما حفظها دِرَايةً فيكون :
أ- بِالتَثَبُّتِ في رِوايتها .
ب- بِالبحثِ في أحوالِ رُواتِها ، إتقاناً ، وضبطاً ، وعدالةً ، وسلامة من الغفلة .. وغير ذلك من الصفات المطلوبة ، أما الإسلام فلا يُشترط ، لأننا نصدق دعاوي أهل جميع الديانات في حكاية أنسابهم ولا نكذبهم ، وإنما لا نقبل من كان خبيثاً في دينه من أهل الديانات ، أي خبيث النفس ؛ سفيهاً ؛ فحَّاشاً ؛ عيَّاباً ؛ لا يَرْقَبُ في أحدٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً.
ت- بِتطبيقِ مصطلحاتِ أهل الصَّنْعَة .
ث- بِتَحْمِيل الأنساب مَن كان أهلاً لحملها مِن طلاب العلم ، وعدم بذل العلم للأوغادِ ؛ أو إجازة أصحاب المآرب والمشبوهين ، أو تكثير سواد الأدعياء وأشباه النسابين.
2. رد دعاوى الكذابين ؛ والقصاص ؛ والوضَّاعين ؛ والمغرضين ، وغواية الشعراء.
3. ضبط الأنساب بتبيين المتشابه في النِّسْبَة ، والمؤتلِف والمخْتَلِف ، المتفِق والمفترِق ..
4. الأنساب للبشر كالأسانيد للخبر ، فكما أن الإسناد يتبين به الخبر الموصول والمقطوع والمعضل والمعلق والصحيح والضعيف والموضوع ، فإن علم النسب يكون مثله في تبيين ذلك في الدعاوى النسبية على وجه العموم ، وَيَنْقُدُ النسابةُ كل ما يصله ولا يتقبل شيئاً إلا بعد نَقْدِهِ وإلا كان قَصَّاص .
5. ربط الأفراد ، والمجموعات ، والقبائل ، والشعوب بصلة النسب ، وهو ما يسمى بالتَّعْمِيد للفرد أو المجموعات .
6. خدمة العلوم الإنسانية ؛ كالتاريخ ، وعلم الاجتماع ، بتقديم المادة اللازمة الأساسية لحصول الغاية المرجوة من كل علم ، فعلم النسب علم مستقل ؛ له أصوله وقوانينه وضوابطه ، إلا أنه لا يمنع من أن يكون خادماً لعلوم أخرى ، لأن بين جميع العلوم روابط ؛ فكلها مبنية على بعضها البعض ، فهي من جهة تكون رئيسة ومن جهة أخرى تكون مرؤوسة .
|