قال الإمام علي بن أبي طالب كرَّمَ الله وجهه واعظا وموجها ابنه سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي رضي الله عنه:
أَحُسَيْنُ إنِّيَ واعــــــــــــــــظٌ وَمُؤَدِّبُ
فَافْهَمْ فَأَنْتَ العــــــــــــاقِلُ المُتَأَدِّبُ
و احفــظ وصيـــة والـــد متحنـــــن
يغذوك بالآداب كيــــــــــلا تعطـب
أبنيَّ إن الـــرزق مكفـــــــــــول به
فعليكَ بالاجمـــــــــــال فيما تطلب
لا تَجْعَلَنَّ المـــــــــالَ كَسْبَكَ مُفْرَدا
و تقى إلهـك فاجعلــــــن ما تكسبُ
كفلَ الالـــــــــــــه برزق كل بريّة ٍ
و المال عاريــــــة ٌ تجيء وتذهب
والرِّزْقُ أَسْـــــــرَعُ مِنْ تَلَفُّتِ ناظِرٍ
سبباً إلى الانســــــــان حين يسبب
و من السيـــــــول إلى مقر قرارها
والطير لِلأَوْكارِ حينَ تَصَـــــــوَّبُ
أبنيَ إن الذكـــرَ فيه مواعـــــــــــظٌ
فَمَنِ الَّذِي بِعِظــــــــــــــاتِهِ يَتأَدَّبُ
إِقْرَأْ كِتَـــابَ اللــــه جُهْدَكَ وَاتْلُـــــــهُ
فيمَنْ يَقومُ بِهِ هنـــــــــاكَ ويَنْصِبُ
بِتَّفَكُّــــرٍ وتخشُّـعٍ وتَقَـــــــــــــــرُّبٍ
إن المقرب هنده المتقـــــــــــــرب
واعْبُدْ إلَهَكَ ذا المَعـــــارِجِ مخلصا
وانْصُتْ إلى الأَمْثَالِ فِيْمَا تُضْرَبُ
وإذا مــــَرَرْتَ بِآيَــــة ٍ وَعْظِيَّــــــــة ٍ
تَصِفُ العَذَابَ فَقِفْ ودَمْعُك يُسْكَبُ
يا مَنْ يُعَــذِّبُ مَنْ يَشَــــــــــاءُ بِعَدْلِه
لا تجعلني في الذيــــــــــــن تعذب
إِنِّي أبوءُ بِعَثْــــــــــرَتِي وَخَطِيْئَتِــي
هَرَبا إِلَيْكَ وَلَيْس دُوْنَــــــكَ مَهْرَبُ
وإذا مَرَرْتَ بآيَـــــــــة ٍ في ذِكْــرِها
وَصْفُ الوَسِيْلَة ِ والنعيــمُ المُعْجِبُ
فاسأل إلهك بالإنــــــــــابة مخلــصاً
دار الخلود ســـــــــؤال من يتقرب
واجْهَدْ لَعَلَّكَ أنْ تَحِــــــــلَّ بأَرضِهَا
وَتَنَالَ رُوْحَ مَساكِــــــــنٍ لا تُخْرَبُ
وتنال عَيْشا لا انقِطَـــــــــاعَ لوَقْتِــهِ
وَتَنَالَ مُلْكَ كَــــــــــرَامَة ٍ لاَ تُسْلَبُ
بَادِرْ هَـــــــوَاكَ إذا هَمَمْتَ بِصَالِحٍ
خَوْفَ الغَـــوَالِبِ أنْ تَجيء وتُغْلَبُ
وإذا هَمَمْتَ بِسَيِّىء ٍ فاغْمُـــــضْ لهُ
و تجنب الأمـــــــــــر الذي يتجنب
واخفض جناحك للصديـــق وكن له
كَأَبٍ على أولاده يَتَحَـــــــــــــــدَّبُ
وَالضَّيْفَ أَكْرِمْ ما اسْتَطَعْتَ جِوَارَهُ
حَتّى يَعُـــــــــــــــدَّكَ وارِثا يَتَنَسَّبُ
وَاجْعَلْ صَدِيَقَــــــــــكَ مَنْ إذا آخَيْتَهُ
حَفِظَ الإِخَـــاْءَ وَكَانَ دُوْنَكَ يَضْرِبُ
وَاطْلُبْهُمُ طَلَبَ المَرِيْــض شِفــــــاءَهُ
و دع الكــذوب فليس ممن يصحب
و احفظ صديقك في المواطـن كلها
وَعَلَيْكَ بالمـــــــــَرْءِ الَّذي لاَ يَكْذِبُ
وَاقْلِ الكَــــــــذُوْبَ وَقُرْبَهُ وَجِــوَارَهُ
إِنَّ الكَـــــــذُوْبَ مُلَطِّخٌ مَنْ يَصْحَبُ
يعطيك ما فـــــــــوق المنى بلســانه
وَيَرُوْغُ مِنكَ كما يـــــــروغ الثَّعْلَبُ
وَاحْذَرْ ذَوِي المَلَقِ اللِّئَـــــــامَ فَإِنَّهُمْ
في النائبات عليك ممن يخــــــطب
يَسْعَوْنَ حَوْلَ المَـــرْءِ ما طَمِعُوا بِهِ
و إذا نبا دهـــــــــــرٌ جفوا وتغيبوا
و لقد نصحتـــك إن قبلت نصيحتي
والنُّصْحُ أَرْخَصُ ما يُبَاعُ وَيُوْهَبُ