حتى لا يفهم البعض كلامي على غير معناه ، إنما كان محور مقالي في الأعلى حول الخوض بالعقل القاصر في ذات الله جل في علاه ، و أما فيما دون ذلك فلا مناص منه ، و ليس كلامي في أول المقال يدل على عدم الاستفادة من العقل في غير الأمور الغيبية ، لأنني وصلت إلى ذلك المقال بالعقل ، و إذا كان العقل باطل فمقالي باطل ، لأنني توصلت إليه بالعقل الباطل ، و هذا واضح للقاعدة التي تنص على أن ما أدى إثباته إلى نفيه فنفيه أولى ، و لكن كلامي ينصب فيما هو خارج عن دائرة العقل ، و ذلك ليس للعقل منه نصيب إلا من طريق الوحي فاحذر أن تكون معتزليا من حيث لا تدري أو ترد النصوص بعقلك القاصر ، و ما ظهرت الفرق الضالة إلا بعدما ترجمت كتب اليونان و الفلسفة التي كانت تقدس العقل فوق تقديس الكتب المقدسة التي جاءت من خالق العقل