من اقواله ووصايا:
ذكر فى الطبقات الشاذلية أيضاً كان يقول: من زار قبرى حُرِّم جسدُه النار.
ويقول : الفرائض معلومة والمعاصى مشهورة فكن للفرائض حافظا، وللمعاصى رافضا. واحفظ قلبك من إرادة الدنيا وحب الجلب، وإيتاء الشهوات واقنع من ذلك كلِّه بما قسم الله لك إذا خرج لك مخرج الرضا فكن لله شاكرا، واذا خرج مخرج السُّخط فكن الله قطب تدور عليه جميع الخيرات وأصل جامع الأنوار والكرامات ا عنه صابراً وحبُّ .
ويقول رضى الله عنه: لا تتهم الله فى شئ وعليك بحسن الظن به فى كلِّ شئ لا تؤثر نفسك على الله فى شئ
.
ويقول ايضا: الزم باباً واحداً تُفتح لك الأبواب، واخضع لسيِّد واحد تخضع لك الرقاب، وخف من الله خوفاً تأمن به من كلِّ شئ، فالله فوق كل شئ وقريبٌ من كلِّ شئ ومحيطٌ بكلِّ شئ..
ويقول عن الإيمان: محو الصفات بالصفات والأسماء بالأسماء لتحقيق ما هو الأوَّل والآخر والظاهر والباطن، فأىُّ شئ كان معه أوَّلا حتى يكونَ آخرا.
ويقول سيدى أبو الحسن الشاذلى أوصانى أستاذى (يعنى سيدى ابن بشيش) رحمه الله تعالى فقال: حدِّدْ بعد الايمان تجد الله فى كل شئ ومحيطاً بكل شئ، بقربٍ هو وصفُه وباحاطةٍ هى نعتُه، بَعِدَ عن الظرفية والحدود وعن الأماكن والجهات، وعن الصحبة والقرب بالمسافات وعن الدور بالمخلوقات وانمحق الكلُّ بوصفِه الأوَّل والآخر والظاهر والباطن كان الله ولا شئ معه.
ويقول صاحب اللطائف: وقال الشيخ القطب (عبد السلام بن بشيش): الزم الطهارة من الشرك كلما أحدثتَ تطهَّرتَ من دنس الدنيا وحبَّها، وكلما ملتَ الى الشَّهوةِ أصلحتَ بالتوبة ما أفسدت بالهوى أو كِدت. وعليك بمحبَّة الله على التوقير والنزاهة، وأدمن الشرب بكأسها مع السُّكر كلما أفّقْتَ أو سكرت شربت حتى يكون سكرك وصحوك به وحتى تغيبَ بجماله عن المحبَّة وعن الشرب والكأس بما يبدو لك من نور جماله وقُدس كماله وجلاله.
ومن وصاياه لسيدى أبى الحسن الشاذلىِّ : لا تنقل قدميك إلا حيث ترجو ثواب الله، ولا تجلس إلا حيث تأمن غالباً من معصية الله، ولا تجالس إلا من تستعين به فى طاعة الله، ولا تصْطَفِ لنفسك إلا من تزداد منه يقيناً بالله.
ويروى سيدى أبو الحسن الشاذلى فيقول: رأيت أستاذى (يعنى سيدى عبد السلام بن بشيش) وفى يده اليمنى كتاب فيه القرآن وحديث رسول الله ، وفى يده اليسرى أوراق فيها شعر.
وهو كالناصح لى: اتعدلون عن العلوم الزكية الى علوم ذوى الأحوال الرديَّة فمن أكثر من هذا فهو عبدٌ مرموقُ هواهُ وأسيرُ شهوتِهِ ومُناه، يستفزُّون بها قلوب أهل الغفلة والنسوان وأهل الضلالة والعميان، ومن لا إرادة لهم فى عمل الخير واكتساب الغفران، يتمايلون عليها كتمايل الصبيان، لئن لم ينته الظالم ليخسف الله به وبداره الأرض. عليك بكتاب الله الهادى وبكلام رسوله الشافى فلن تزال بخير ما آثرتهما وقد أصاب الشرُّ من عدل عنهما، وأهل الحق إذا سمعوا اللَّغو أعرضوا عنه، وإذا سمعوا الحق أقبلوا عليه. ومن يقترفْ حسنة نزد له فيها .
وحُكىَ عنه أنه قال: أربعٌ من كُنَّ فيه احتاج الخلق إليه وهو غنىٌّ عن كلِّ شئ: المحبة لله والغنى بالله والصدق واليقين (الصدق فى العمومية واليقين بأحكام الربوبية .
ويقول أيضاً : أجملُ الطاعاتِ أن يُدخلك عنده ويُرخى عليك الحجاب .
وقال سيدى أبو (الحسن الشاذلى) سألته عن حديث يسِّروا ولا تُعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا. فقال دلُّوهم على الله ولا تدلُّوهم على غيرِه فإن من دلَّك على الدنيا فقد غشَّك، ومن دلَّك على العمل فقد أتعبك، ومن دلَّك على الله فقد نصحك .
ومما أوصاه به: لا تصحب من يؤثر نفسه عليك فإنه لئيم، ولا من تؤثر نفسك عليه فإنه قلَّ ما يدوم الود، واصحب من اذا ذُكِر، ذُكِرَ الله، فالله يُغنى به إذا شهد وينوب عنه إذا فُقِد، ذِكرُه نور القلوب، ومشاهدته مفاتيح الغيوب.
ومن حكمه : المرء إذا شرب الماء الساخن قال: الحمد لله بكزازة، وإذا شرب البارد فقال: الحمد لله استجاب كل عضو بالحمد لله.
وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلى إنه سمع (سيدى ابن بشيش) يقول لرجل استأذنه فى المجاهدة لنفسه. فأجابه بقوله تعالى:
لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ. إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ
وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلى : سألت أستاذى رحمه الله عن وِرد المحققين . فقال: عليك بإسقاط الهوى وصحبة المولى، وآية المحبة ألاَّ يشتغلَ محبٌّ بغيرِ محبوبه . وسألته عن قول النبى : المؤمـن لا يُـذلُّ نفسـه . فقال لى: لهواه .
وعن سيدى أبى الحسن الشاذلى عن أستاذه قال: الأنفس ثلاثة: الأولى نفسٌ لا يقع عليها البيع لحريَّتها.ويقول تعالى: فأمَّا إن كان من المقرَّبين فروحٌ وريحان وجنَّة نعيم . والثانية: نفسٌ وقع عليها البيعُ لشرفها يقول سبحانه وتعالى: إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . والثالثة: نفسٌ لا يُعبَأ بها لقوله تعالى: وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ. فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ. وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ . .
وفى لطائف المنن وغيره بدل قوله: لا يُعبأ بها: لم يقع عليها البيع لخِسَّتها وفى بعض الروايات: ونفسٌ مهملة لا حريَّة فيها ولا شرف: ثم زاد صاحب اللطائف على درَّة الاسرار ما نصُّه: فالتى لم يقع عليها البيع لحريَّتها أنفس الأنبياء والتي وقع عليها البيع لشرفها أنفس المؤمنين والتى لم يقع عليها البيع لخِسَّتها أنفس الكفار.
ومن أقواله أيضا: شيئان قلَّما ينفع معهما كثرة الحسنات: السخطُ على قضاء الله. والظلمُ لعباد الله. وحسنتان قلَّما ينفعُ معهما كثرة السيئات: الرضا بقضاء الله والصفحُ عن عباد الله، والزهد فى الدنيا، والتوكُّل على الله. والأربعة الاخرى القيام بفرائض الله واجتناب محارم الله، والصبر على البعد من كل شئ يُلهى.
وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلى يحكى عن أستاذه قال: عباده الصديقين عشرون: كلوا واشربوا والبسوا وانكحوا واسكنوا وضعوا كل شئ حيث أمركم الله ولا تُسرفوا واعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئاً واشكروه، وعليكم بكفِّ الأذى وبذل الندى فإنها العقل، والنصف الثانى أداء الفرائض واجتناب المحارم والرضا بالقضاء وعبادة الله والتفكُّر فى أمر لله والنفقة فى دين الله، وعين العبادة الزهد فى الدنيا ورأسها التوكل على الله فهذه عبادة الاصحَّاء المؤمنين. وإن كنتم مرضى فاستشفوا واسترقوا بالعلماء واختاروا وفرُّوا من ذلك المختار ومن كلِّ شئٍ الى الله .
ويرى سيدى أبو الحسن الشاذلى عن أستاذه : لا تخترْ من أمرك شيئاً واحذر أن لا تختار وفِرَّ من ذلك المُختار ومن كلِّ شئ الى الله، ولربِّك ما يشاء ويختار.